حادثة احتلال مستشفى السلمانية حادثة مؤلمة لم يقع لها مثيل في العالم كله، وذلك حين سيطر الأطباء والممرضون والمسعفون على المستشفى وحولوا ساحاته وردهاته إلى مكان للتجمعات والمظاهرات والاحتجاجات، وخرج الأطباء والممرضون والطاقم الإداري والفني يهتفون بإسقاط النظام، إن إغفال هذا الاحتلال والعودة إلى ما قبله وكأن أمراً لم يكن فيه كثير من التهاون، وحين لا يكون ما حدث درساً يجب أن يصحح، وأن تقلب الأمور فيه وأن تصلح مواضع الخلل ليس في السلمانية بل في كل المستشفيات الحكومية الحاضرة والمستقبلية. إن مأساة احتلال السلمانية حقيقة شاهدناها وعشنا لحظاتها، ومن منا لم يشاهد ما حصل في السلمانية بعينه حين تحولت ساحة الطوارئ إلى طاولات بوفيهات فيها ما لذ وطاب وتوزع بالمجان باسم المقاومة، وهذا ليس نقلاً عن أحد وإنما تجربة شخصية. ما دفع لكتابة هذا المقال ما طرحه تقرير نشر في صحيفة محلية تحت عنوان “الصفار: الممرضون والمسعفون يتعرضون لمضايقات لأنهم يباشرون مصابي الأحداث”، إنه العنوان الذي نتساءل فيه من هؤلاء الممرضون والمسعفون الذين تتم مضايقتهم؟ أليست حالة خطيرة عندما يكون ممرضون ومسعفون لا يسعفون إلا طيفاً واحداً، أولئك الذين امتنعوا عن إسعاف المرضى في بعض المناطق، هم ذاتهم الذين تعمدوا الإساءة إلى المرضى في الأجنحة وتجاهلوا حاجتهم الصحية، والمواطنين الذين احتاروا أين يذهبون بأهاليهم للعلاج، حيث تعاطفت معهم بعض المستشفيات الخاصة ومستشفيات السعودية، أليس هذا دليلاً كافياً يشهد من الذي كان يتعرض للأذى والحرمان ولا يزال يتخوف حتى اليوم من الذهاب إلى السلمانية، أليس ما حدث ويحدث هو حالات كان يجب أن يقوم بواجبها المسعف والممرض، أم إن الحالات الإنسانية يجب أن تنظر في تقاريرها المنظمات الأجنبية والحقوقية. إن ما حدث في السلمانية كان خطأ الدولة، عندما ركنت إلى مجموعة معينة وجعلت في يدها أكبر مستشفى في البحرين بمعداته وأجهزته وأسرته وصيدليته وطبيبه وممرضه وكاتبه وحارسه، والذين خرجوا يهتفون جميعهم “بإسقاط النظام”، وعلى الدولة أن تتدارك الخطأ وأن تصلح المعادلة في هذا المستشفى حتى تعود ثقة المواطنين في مستشفى حكومي أصبح يمثل للقاعدة الشعبية الأكبر عنواناً للموت، والإصلاح في أن يتم إعداد كوادر وطنية تقوم بمسؤولية الطبيب والممرض والمسعف، وإن تطلب ذلك استجلاب خبرات من الدول العربية حتى يتم تدريب كوادر بحرينية لديها ضمير وحس إنساني ووعي بمهنة الطب، التي لا يترك فيها الطبيب المريض يخرج بلباس العمليات محمولاً على الأكتاف ويهتف بهتافات تسقيطية وكلام يحمل الحقد والعداوة، يجعل المواطن الذي شاهده وسمعه يوليه حتى “طرقاعة أذنه” أو حتى أن يقص ظفره. اليوم الدولة أمام مسؤولية كبيرة ألا وهي وضع استراتجية تتأكد تعيد فيها التوازن في وزارة الصحة، حيث إن مسؤولية الدولة أمام شعبها في الخدمات الصحية لا يتعارض مع تقرير بسيوني ولا توصيات جنيف، لأن المواطن البحريني قد عاش ظروفاً قاسية لم تعشها لجنة تقصي الحقائق ولم يعشها ممثلو مجلس حقوق الإنسان. فالدولة عليها مسؤوليات تقوم بتنفيذها حالاً، إذ إن ما حدث في مستشفى السلمانية لم يطرأ على بال أحد، وما قد يحدث في المستقبل -لا قدر الله- بالتأكيد سيحدث مثله بل أسوأ، وذلك عندما تحول أطباء وممرضو ومسعفو مستشفى السلمانية إلى عصابات وحولته إلى ثكنة عسكرية لم يرحموه فيه مواطن ولا وافد مكبل اليدين يبكي خوفاً وهو يسحب من سيارة الإسعاف وحوله الطواقم الطبية التي تدعي اليوم المضايقات، وهي بالتأكيد دعاوى كاذبة. - سؤال لوزير الصحة.. تقول إحداهن إنها تقوم بالتدريب على الإسعافات الأولية والتمريض، فهل هناك برنامج وطني تم الإعلان عنه؟ ومن يدعم هذه التدريبات؟ وأين تتم هذه التدريبات؟ ومن هم المتدربون؟ إذ إن مثل هذه التدريبات لا يجب أن تتم إلا في المستشفيات.