الصين مرشحة لأن تكون قوة عظمى في النظام الدولي بعد احتكار الولايات المتحدة الأمريكية لهذه المكانة المميزة على مدى أكثر من 20 عاماً الماضية، وأسباب هذا الترشح معروفة تتعلق بتطور القدرات الاقتصادية والعسكرية.. إلخ.
ما يجب فهمه في الظاهرة الصينية الآن أنها تشكل القوى السياسية الأعظم مستقبلاً، وبالتالي من يقرأ المستقبل يجب عليه أن يقيّم علاقاته جيداً مع أي قوى سياسية مرشحة لأن تكون قوة عظمى خلال الفترة المقبلة. وهذا الحال لا ينطبق على الصين فحسب، وإنما هناك العديد من الدول، مثل الهند، والبرازيل، وجنوب أفريقيا وغيرها.
في ضوء هذه الحقيقة فإن الكلمة التي ألقاها السفير الصيني الجديد لي تشن خلال حفل اعتماد أوراقه أمام العاهل كلمة مهمة ولها دلالاتها التي تعكس اهتمام بكين بشراكات حقيقية مع بلدان الخليج العربي، ومن بينها بلا شك البحرين، والفرص الكبيرة المتاحة لأن تكون بكين بلداً داعماً لدول هذه المنطقة الاستراتيجية في مختلف المجالات.
ويبدو أن الصينيين أدركوا سريعاً أن هناك من لا يقدر الجهود التي قامت بها القيادة البحرينية منذ أبريل 2011 وحتى الآن، ولذلك أرسلوا رسائل واضحة للمنامة وبعض العواصم الغربية -من خلال كلمة السفير الصيني- تؤكد وقوف الصين مع كافة الإجراءات التي اتخذتها القيادة البحرينية سعياً لحفظ الأمن والاستقرار في الدولة. في الوقت الذي تحاول فيه بعض العواصم استغلال الجهود التي قامت بها القيادة من أجل تحقيق أجندة معينة ومصالح استراتيجية على المديين المتوسط والطويل.
في وقت سابق أدركت المنامة أهمية بكين دولياً وتصاعد أهميتها، وجدوى تطوير شراكة بحرينية ـ صينية مستقبلاً، وكانت سلسلة الزيارات التي قام بها كبار المسؤولين البحرينيين لنظرائهم في الصين، وهي بلا شك زيارات إيجابية حققت الكثير من المكاسب، وإن كان بعضها يحتاج إلى وقت حتى تظهر نتائجه.
إن تعيين سفير صيني جديد في المنامة يمثل بداية جديدة لشراكة أكثر عمقاً خلال السنوات المقبلة، ولا نتوقع أن يكون أداء السفير تقليدياً كحال بعض السفراء، بل أعتقد أنه سيكون مختلفاً عن كثير من الدبلوماسيين الذين لديهم اهتمامات خاصة، أو يحاولون استغلال فترة تواجدهم في تحقيق مكاسب شخصية على حساب المصالح المشتركة بين البلدين.
ليس مطلوباً من السفير الصيني القيام بمزيد من الخطوات لتعزيز الشراكة البحرينية ـ الصينية، وإنما المطلوب أيضاً تفاعل من مختلف الجهات الرسمية والأهلية لتطوير مفهوم الشراكة الدولية بين المنامة وبكين.