في البحرين ترون العجائب والغرائب، ولا تحتاجون لكثير من التعب حتى تخرجوا بإحصائية ظريفة تبين لكم حجم المفارقات وتغيير الكلام والتقلب في المواقف وانتهاج “الكذب” كأسلوب وممارسة لدى من يدعون أنهم يمثلون شعار النزاهة والشفافية والصراحة. تذكرون شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، وكيف حولته الوفاق إلى أشبه ما يكون بالنشيد الوطني لأتباعها يطلقونه ويرددونه في كل وقت، في الدوار وفي مسيراتها خلال الأزمة، وحتى تجمعاتها الحالية؟! تذكرون هذا الشعار طبعاً! هذا الشعار تحول بقدر قادر إلى شعار “الشعب يريد إصلاح النظام”! تذكرون كلام مرجع الوفاق عيسى قاسم وتوجيهاته لمريديه وشارع الوفاق بأن “كونوا حسينيين”، وكيف أنها كانت دلالة على التحريض العنصري الطائفي القائم على التقسيم المذهبي باعتبار أتباع قاسم هم حسينيون يفترض بهم مقاتلة “اليزيديين” الذين قُصد بهم الأطراف الأخرى من أسرة حاكمة والمكون السني في البحرين، تذكرون ذلك طبعاً؟! هذا القول تغير إلى أكبر شعار كاذب تم ترديده ومازال “إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه”! على غرار منهج الوفاق في الكذب والتدليس وخلع رداء وارتداء غيره، انتهج كثير من الساعين للانقلاب على الوطن أسلوب “التقية السياسية” و«تغيير الأقوال”. كثير من التجار الذين شكلوا روافد رئيسة للدعم والتموين لمن كانوا في الدوار، وأغلبهم تجار استفادوا أكثر من غيرهم من الدولة، هؤلاء بعد أن فشل مخطط الانقلاب، حاولوا تعديل صورتهم، وبعد أن ضعضعتهم مقاطعة المخلصين لهم قاموا بالإضافة لمحاولات الزحف والتوسل في دواوين الحكم، قاموا بإلصاق صور قادة البلاد على محلاتهم، بالأخص صورة سمو رئيس الوزراء حفظه الله ظناً منهم أن الناس ستنسى بالصور، وأن الكذب سينطلي عليهم، وأنه من السهل تبديل الكلام والمواقف. الوفاق تستحق أعظم جوائز الأوسكار والـ«جرامي” وغيرها في التمثيل وتبديل الجلود، نظير تصريحاتها التي تصدرها بين الفينة والأخرى والتي فيها تحاول قلب الحقائق وسلخ نفسها من المواقف التي تمثلت فيها والتي خدعت الناس من خلالها. ألم يقل علي سلمان في حشد كبير من الناس بأنه وجماعته ضحوا من أجلهم؟! وأنه وجماعته يقولون للناس بأنهم لن يتنازلوا وأنهم صامدون وعائدون، وأطلق ما أطلق من وعود المناضلين؟! بالتالي كيف تبررون خروج عضو الوفاق عبدالجليل خليل الآن ليقول بأن اجتماعات عديدة جرت مع الديوان الملكي في سبيل إعادة إحياء الحوار؟! وأن هذه الاجتماعات بدأت منذ فبراير الماضي، أي منذ كنتم تجمعون الناس وتصرخون فيهم “صمود وصمود”؟! ألم نقل سابقاً بأن الوفاق لا تجرؤ على مصارحة شارعها ومريديها الذين هم بالنسبة لها مجرد أدوات يفضل أن تموت وتقتل لأن فائدتها كجثث أكثر منها من بقاء هؤلاء البشر (الأدوات) أحياء، ألم نقل سابقاً بأنها لا تجرؤ على إخبار أتباعها بأنها توفد كل بضعة أيام موفداً للنظام تسترجي عقد حوار جديد؟! اليوم يطالعنا عبدالجليل خليل بتصريح ليس بغريب على من يرصد تقلبات الوفاق وتبدل خطابها حسب الظروف، بل هو غريب على من لم يعِ حتى الآن حقيقة هذه الجمعية التي لعبت في الناس بالأخص الطائفة الشيعية لعبة لا يلعبها إلا مستغل ذو أهداف فئوية ضيقة. يقول خليل بأن هناك من يرفض الحوار حفاظاً على مصالحه الشخصية! الآن حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له. عفواً، من هم الذين يرفضون الحوار لأجل مصالحهم الشخصية؟! من هم الذين يرفضون الحوار بين المعارضة والدولة لأجل مصالحهم الشخصية؟! تذكرون جيداً، ويوثق تقرير بسيوني أن الوفاق كانت هي الرافضة للحوار الذي دعا له سمو ولي العهد حينما وضعت أربعة شروط ثم طورتها إلى اثني عشر شرطاً. أليس هذا رفض للحوار بناء على مصالح شخصية، باعتبار أن أطرافاً عديدة قبلت دخول حوار بلا شروط، لكن الوفاق رفضت، بل طرحت فكرة الاستفراد –ومازالت- بالنظام في أي حوار؟! في الحوار الوطني الذي عقد الصيف الماضي، ألم تدخل الوفاق لكنها سرعان ما انسحبت؟! أليس هذا رفضاً للحوار؟! وما السبب لهذا الرفض؟! لأنها لم تتحمل فكرة الاستماع لآراء مضادة لها، ومواقف مناهضة، أي بالبحريني لم يعجبها الحوار لأنه لا يخدم مصالحها الشخصية. اليوم تلقي باللائمة على الديوان الملكي متهمة إياه بتعطيل السعي لعقد حوار جديد، متناسية أنها بهذا التصريح تعترف أنها غررت بشارعها الذي تحشده في كل تجمع للخروج في الشوارع والمسيرات، في وقت تقوم هي بالجلوس في اجتماعات للتفاوض. بل تتناسى الوفاق أنها هي من تريد تفصيل الحوار حسب مصالحها الشخصية، حينما تطرح شرط إقامته بين النظام والمعارضة التي اختزلتها في نفسها فقط، دون أدنى اعتبار للمكونات الأخرى التي لها حق في التواجد في مثل هذه الحوارات. كل عملهم وحراكهم قائم على مصالحهم الشخصية، أفشلوا مساعي الحوار الأول لأجل مصالحهم الشخصية، وانسحبوا من الحوار الثاني لأجل مصالحهم الشخصية، والآن لأن النظام يعي تماماً بأن في المعادلة أطرافاً أخرى غير الوفاق وأذيالها فإن فرع حزب الله اللبناني-الإيراني في البحرين أخذ يرمي “صفاته” على غيره ويتهم الأطراف الأخرى بأنها ترفض الحوار وتعطله لأجل مصالحها الشخصية. الوفاق سعت لسرقة صوت جميع البحرينيين لأجل مصالحها الشخصية، منحت نفسها حق الحديث المنفرد عن الشيعة، ثم أقحمت السنة إقحاماً في حراكها الانقلابي، وأدارت ظهرها لكل مبادرة، وجاب أعضاؤها مشارق الأرض ومغاربها لتشويه صورة البحرين، و«خانت” جموعها الذين تلقي بهم في الشارع بجلوسها في المكاتب مع المسؤولين الذين سعت لإسقاطهم بإسقاط النظام، واليوم تتهم غيرها بأنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية لتعطيل الحوار. أعطوا الوفاق مزيداً من الوقت للإيغال في ممارسات الكذب ولا تستغربوا يوماً إن ادعت بأن من كانوا في الدوار ومن طالبوا بإسقاط النظام ليسوا هم، بل الذين تجمعوا في ساحة الفاتح.