الإخوان المسلمين في البحرين والخليج العربي لا يمكن المساومة على مواقفهم تماماً تجاه الأزمة التي مرّت بها البلاد العام الماضي، وهي مواقف بلا شك تُحسب لهم، وتدخل ضمن مواقفهم التاريخية تجاه المنطقة بعيداً عن أي مشاحنات أو وجهات نظر من الماضي. ولكن يبدو أن هذه المواقف طالها التغيير اليوم في أسوأ الأحوال، أو في طريقها للتغيير، فالإخوان كانوا في مقدمة الجماعات السياسية البحرينية التي دعمت دخول قوات درع الجزيرة لأراضي البحرين للحفاظ على أمن المواقع الحيوية في البلاد، وهو موقف مقدر لهم تجاه دول مجلس التعاون الخليجي التي ساهمت بقواتها ضمن الاتفاقات الخليجية المشتركة. لاحقاً واجهت دولة الإمارات العربية المتحدة تحدياً أمنياً باكتشاف جماعة أعلن عن انتمائها لجماعة الإخوان المسلمين حاولت قلب نظام الحكم وتشكيل تنظيمات ضد الدولة.. إلخ. كان متوقعاً أن يكون موقف الإخوان في البحرين تجاه هذه القضية واضحاً، وغير قابل للنقاش، بحيث يتم دعم أبوظبي في كافة إجراءاتها تجاه حفظ أمنها ودعم استقرارها، ولكن الموقف صار معاكساً لذلك، حيث أعلن التعاطف العلني مع الأشخاص الذين تورطوا بهذه المؤامرة. ولم تصدر مواقف من إخوان البحرين داعمة لأمن الإمارات التي دعمت موقف البحرين. الرأي العام البحريني والإماراتي يتساءل اليوم عن طبيعة العلاقة بين إخوان البحرين وإخوان الإمارات؟!رغم أنها قضية معقدة وشائكة للغاية، إلا أننا نقر منذ فترة وما زالنا نقر باعتدال إخوان البحرين، ومواقفهم الإيجابية تجاه الإمارات وبقية دول المجلس. ولكن الفترة الماضية شهدت تحركات قد تكون غير رسمية، ولكنها معروفة أن الإخوان طرف فيها، فعلى سبيل المثال بعض خطباء الجمعة المحسوبين على التنظيم صاروا يسيؤون للقيادة الإماراتية يوماً بعد آخر من خلال منابر الجمعة، أو حتى عبر شبكات التواصل الاجتماعي. أيضاً شبكات التواصل الاجتماعي النافذة واسعة الانتشار التي يديرها كوادر من الإخوان صارت مليئة بمواد إعلامية ضد الإمارات وقيادتها، ويتم من خلالها تكوين رأي عام مضاد للإمارات يتعلق باستلابها “حرية التعبير واعتقالها الناشطين السياسيين”، وهو طرح بلا شك مرفوض. كذلك يتم إرسال رسالة إلكترونية بشكل دوري منتظم إلى عدد كبير من خلال البريد الإلكتروني بعنوان: “معتقلي الإمارات..”. مع ذلك مازلنا نؤمن باعتدال إخوان البحرين، وقد تكون مثل هذه الأنشطة مجرد تصرفات شخصية من بعض الكوادر داخل الإخوان. ما نحتاج إليه اليوم هو معرفة الموقف الرسمي لإخوان البحرين تجاه هذه المسألة، فلا يمكن فصل المواقف هنا لأنه ينبغي أن تكون من الثوابت، فلا يمكن النظر إلى الإمارات على أنها دولة داعمة للبحرين فيما يتعلق بأزمة العام الماضي، وفي نفس الوقت ينظر إليها على أنها دولة مناهضة للتنظيم نفسه. فازدواجية المعايير والمواقف ليست مطلوبة هنا، بل هي مرفوضة. البحرين ليست بحاجة إلى فتح جبهة مواجهة جديدة كدولة مع تنظيمات وتيارات سياسية أخرى، في ظل المواجهات الراهنة مع الجماعات الراديكالية التي قادت أيضاً محاولة انقلابية العام الماضي. ولكنها مطالبة بمعرفة المواقف بشكل واضح لمعرفة كيفية التعامل ومع من. نحتاج إلى مزيد من المفهم للإخوان المسلمين تجاه الإمارات التي قدمت ومازالت الكثير للبحرين.