قد أتفهم دوافع محمد البوفلاسة للمشاركة في مهرجان الدوار، وأتفهم أنه اعتذر تحت ضغط ودون قناعة، لكن لا أدري كيف يحيي «أبطال سترة» اليوم، دعونا أولاً نعرف مسمى «أبطال» والمسميات التي نقرأها ونسمعها؛ هل هم المتظاهرون السلميون أم أبطال الأكشن الذين يرموننا بالمولوتوف ونحن نعبر طرقات بلدنا بكل سلمية.
أسوأ ما في فوضى الجدال العقيم الذي نعيشه منذ أكثر من عام هو الخلط الحاد بين صورة النضاليين طلاب الديمقراطية والحرية والذين نعرف أن تاريخ البحرين حافل بصورهم ومواقفهم المشرفة وأنهم رفعوا رؤوسنا وشرفوا ذكراهم بوطنيتهم الحقة، وبين من يحرق البلد حرفياً ويهدد حياة الآمنين، نرى أن الإشادات التي توجهها رؤوس المعارضة للمناضلين تتضمن ولا تستثني من يمارس العنف الصريح ولا تدين جريمة، ومقتل أحمد الظفيري بقنبلة غادرة زرعها الأبطال ليس عنا ببعيد، حتى لو أنهم في مناسبات محدودة أشاروا بصورة مبهمة لرفضهم العنف، وهذا يحدث فقط حين يحشروا في زاوية الضغط الإعلامي الخارجي.
الخلط بين الاثنين منذ البداية كان سمة الحراك، الإشادة والتكريم للشباب الذين يحرقون ويخربون والتراجع إلى زاوية رفض العنف كلما استدعى الموقف، نكون على الشارع العام نشاهد المولوتوف يرمى والإطارات تشتعل أمامنا والمعمم فوق منبره في اللحظة ذاتها يقول لأتباعه استمروا في نهجكم السلمي.
وهذا يعطينا إشارة للمبادئ التي تحكم هذا الحراك، إن كانت هناك مبادئ تحكمه، فلا شيخ من المعممين أفتى ولا أحد نشطائهم نصح، والنتيجة الخلط الواضح بين مفردة الناشط السياسي وعناصر العصابات التي تزرع قنابل مثل تلك التي قتلت أحمد الظفيري بتعمد وتقصد وإعداد مسبق وتمويل وأجندة وفكر قائم على الإرهاب، لا أدري هل يسمى هذا عنف عفوي أم ممنهج؟! لكن تحت أي ذريعة أو عذر يبقى عنف لا يقبله عرف ولا دين، ولا يصعب على عاقل يتحرى العدل والصدق أن يدينه.
خالطاً من يتظاهر ويشارك في مسيرة بمن يمارس عنفاً ممنهجاً ضد الشرطة والمواطنين حيى البوفلاسة أحرار وأبطال سترة، والبوفلاسة يمثل اليوم ظاهرة «السني الواحد» أو «اليتيم» في صفوف الوفاقيين ليُستغل من جديد -وكما استغل إبراهيم شريف- إعلامياً لتبيان أن الحراك شعبي يمثل السنة والشيعة على حد سواء، وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت هناك حركة شعبية فعلاً، ونعلم أن الحركة الشعبية ليست مناضلاً واحداً أو مائة.
لحد الآن لم يوفق ناشط سياسي لتمثيل وجهة نظر بحرينية شاملة ومخاطبة أكثر من تيار، أتساءل أحياناً هل كانت هناك فرصة لاتفاق بين التيارين الرئيسين إذا ما وافقت الوفاق على وساطة الشيخ عبداللطيف بداية الأزمة؟ هل كانت هناك إمكانية لتشكيل تيار وطني؟ أم أن الشيخ كان حتى تلك اللحظة أقرب ما يكون لمبعوث حكومي؟ لا أدري حقاً؛ على أية حال البوفلاسة لا يصلح ليكون نواة تيار يوازي أو يتحد مع تيار الوفاق فخطابه وفاقي جداً، وفيما هو يمتلك شجاعة مواجهة الحكومة برأيه فكان الأجدر به أن يتحلى بشجاعة كافية ليقول للوفاقيين إن مسار العنف الحاد الذي انتهجوه خطأ ويحتاج لتقييم وتصحيح، وإن البطولة ليست بالقتل والحرق.
^ نقطة حبر..
غالباً البوفلاسة كان فعلاً معارضاً على باب الله تورط في مهزلة الدوار ولاقى ما لاقاه غيره ممن احترقوا في أتون الفوضى، لم يفعل البوفلاسة ما فعله غيره، لكن انتهى به الأمر معاقباً ومشهراً به، وأصبح بذلك مشروع بطل قومي، ولا داعي لأقول لكم كم بطل صنع بهذه الطريقة، أنا في نهاية الأمر ضد التطبيل أياً كان شكله ومصدره، والتطبيل باسم محمد البوفلاسة في الدوار وفي كل مهرجان شارك فيه سيجعله يتحيز لمسانديه ويحيد عن الصواب وقد يتفوه بأمور كثيرة دون قناعة كما تفوه باعتذاره الشهير
{{ article.visit_count }}