طوال الأيام الماضية لم يهدأ هاتفي، تلقيت مكالمات عديدة من مواطنين بحرينيين هم سكان يقطنون منطقة الحورة وآخرين يملكون فيها بيوتاً وبنايات ورثوها كابراً عن كابر، كلهم يعبرون عن استيائهم من تفاجئهم بنشر أسمائهم في الجريدة الرسمية بما يفيد باستملاك أراضيهم وتعويضهم عنها مالياً، في وقت لم تتم استشارتهم في الأمر، وبطريقة توحي بأن العملية ستتم شاؤوا أم أبوا. الأهالي طلبوا منا –من منطلق مسؤولية والتزام الصحافة تجاه إيصال صوت الناس- أن نوصل أصواتهم لقيادتنا الرشيدة وبالأخص صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله للنظر في المسألة إيماناً راسخاً منهم بأن سمو الأمير رجل لا يقبل بظلم أي مواطن ولا يرتضي الضرر للمخلصين من أبناء هذه الأرض. أكتب هذه السطور مستنداً على مكالمات الأهالي وما أرسلوه لي من رسائل وجهوها لدواوين القيادة لجلالة ملكنا العزيز وسمو رئيس وزرائنا ولسمو الأميرة سبيكة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظهم الله جميعاً عبر نواب ومسؤولين مرفقين معها تواقيع عوائل وأهالي الحورة الرافضين لاستملاك أراضيهم بهذه الطريقة، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم ليسوا ضد أي مشروع إسكاني في المنطقة يخدم الجميع دون استثناء لكن شريطة ألا يكون قائماً على أساس ضرر مواطنين يملكون بيوتاً وعقارات ورثوها عن آبائهم وأجدادهم الذين اشتروها وبنوها وصرفوا عليها من كدهم وتعبهم، وكثير منهم يعيش من مدخولها. بعض الأهالي حدثوني بحرقة، بعضهم كان يستغرب ما وصفه برفض توصيل أصواتهم ومنحهم حرية الحديث في بلد الحريات والديمقراطية والقانون، بعضهم قال إنهم لا يمنحون الفرصة للتعبيرعن رأيهم في شأن هذه المسألة بالتحديد في وسائل الإعلام الرسمية وحتى في وسائل الإعلام المطبوعة، متسائلين كيف نصل لأصحاب القرار إن لم نتمكن من إسماع أصواتنا؟! وهانحن ذا نوصل أصواتهم للقيادة إيماناً منا بأن هذه الدولة قائمة على العدل والإنصاف ورفض ظلم الناس. يقول بعض المتصلين من الأهالي بأنهم يعرفون تماماً كيف تنظر القيادة للمواطنين وكيف تحرص الحكومة بقيادة والد الجميع الأمير خليفة بن سلمان على ضمان مصلحة جميع المواطنين ورفضها الشديد إيقاع الظلم عليهم، لكنهم يقولون بأن صوتهم لا يصل، وعليه يناشدون سموه بطلب التشرف بالالتقاء به وبث همهم مباشرة إليه باعتبار أن ما تعرضوا له أمور تثبت بأن صوتهم ورأيهم تم “تغييبه” ولم يصل لأصحاب القرار، وكأن جميع الأهالي قابلون بما يحصل، وهو أمر منافٍ للواقع. من منطلق الأمانة الصحفية وأداء رسالتنا، والمسألة الأخيرة هي التي تطالبنا بها قيادتنا الرشيدة دائماً في شأن اضطلاع الصحافة بدورها وكونها “مرآة عاكسة” لنبض الشارع، ننشر أدناه رسالة أهالي الحورة -الرافضين لاستملاك أراضيهم وبيوتهم وبناياتهم بطريقة جبرية- إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، والتي أوصلوها لنا محمليننا مسؤولية أمام الله أولاً ثم القيادة بأن ننقل كلامهم بصدق وشفافية: «صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، نحن أبناء منطقة الحورة الأصليين نتقدم إلى مقام سموكم الغالي بجزيل الشكر وموفور الامتنان لما نشهده في رعايتكم الكريمة من أمن وأمان وتقدم وازدهار، فنحن نقدم الولاء التام لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه وإلى القيادة الحكيمة الممثلة فيكم وأنتم صاحب القلب الكبير والأب الحنون، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين، ولحكومتكم الرشيدة، وقد عشنا نحن أبناء هذا الوطن وسيعيش أبناؤنا وأحفادنا بإذن الله في ظل حكمكم العادل والذي يحفظ لكل فرد في هذا الوطن المعطاء حقه، وأنه لايضام من كان في ظل آل خليفة الكرام، ومن كان يحتمي بهذه المملكة الغالية. لذا نتقدم بالتماس إلى سموكم الكريم بالنظر بعين الاعتبار للقرار الصادر من وزارة البلديات والتخطيط العمراني ووزارة الإسكان باستملاك بعض الأراضي والعقارات المؤجرة بمنطقة الحورة من المنامة، ولا يخفى على سموكم الكريم بأن هذه العقارات تشكل مصدراً أساسياً لبعض الأسر منهم الأرامل والمطلقات وكبار السن، فهم الآن يعانون الكثير من الحزن والقلق على مستقبلهم ومصدر رزقهم الوحيد، وقد تفاجؤوا بإعلان هذا الاستملاك من الجرائد ولم تكن هناك موافقة مسبقة من جانبهم، ولم يشعروهم رسمياً بالقرار قبل ذلك. يا صاحب القلب الكبير نحن لانملك إلا التضرع إلى الله عز وجل ومن ثم إليكم فيما نحن نعيشه من إشكال، ونرجو أن يكون الفرج على يدكم الكريمة بالنظر بإلغاء هذا القرار فشعبكم الكريم يعرف بأن ليس للمصاعب إلا “خليفة” الأب الكبير والحنون على شعبه. جعلكم الله ذخراً وسنداً لأبناء هذا الوطن المعطاء الذين تسيرون به في مدارج الرقي والنماء. أهالي منطقة الحورة”. انتهت الرسالة، ولا يسع المجال هنا لنشر أسماء الموقعين عليها من أهالي المنطقة وعوائل معروفة هم أصل أبناء المنطقة لكثرتها، لكنها موجودة لدينا. يقول لي أحد الأهالي: لماذا وزارة البلديات والتخطيط العمراني لا توضح الموضوع للمواطنين؟! ولماذا وزارة الإسكان لم تتشاور مع الأهالي مباشرة وتأخذ موافقتهم، أليست قيادتنا هي التي رسخت مبادئ الشورى والتوافق والمشاركة الشعبية في صناعة القرار؟! يتساءل آخر ويقول بأننا تحصلنا على وعود بالتعويض ومحاولات لتهدئة غضبنا وتغيير قرارنا من جهات ليست هي الجهات الرسمية المعنية بالدولة، فمن هو صاحب القرار في الموضوع؟! ولماذا الحديث يأخذ توجه الإجبار ووضع الناس تحت الأمرالواقع باعتبار أنهم مجبرون على الموافقة ولا مجال حتى للنقاش؟! يواصل القول: نحن في دولة ديمقراطية، في دولة تقول إن الإنسان هو أعظم ثرواتها، بالتالي من غير المعقول أن يؤخذ حق الإنسان هكذا دون حتى منحه الفرصة للتعبير عن رأيه؟! آخر يقول: نحن الموقعون على هذه العريضة لسنا ضد المشروع الإسكاني بل ضد استملاك عقاراتنا دون موافقتنا، في نفس الوقت لماذا وزارة البلديات تنشر الإعلانات في الجرائد الرسمية دون مخاطبة الناس المعنيين أولاً؟! ويواصل مستغرباً: سمعنا تصريحاً في الإذاعة لمسؤول رفيع في الإسكان يقول فيه إن الوزارة استملكت بيوت الحورة في وقت أصحاب العريضة لديهم وثائق عقاراتهم الأصلية، فكيف ومتى حصل هذا الاستملاك؟! امرأة مسنة مريضة (اسمها وأرقام تواصلها معي) قالت لي بالحرف محملة إياي أمانة إيصال كلامها لمن وصفته بـ “تاج رأسها” الأمير خليفة بن سلمان، تقول: “قبل أي شيء أدعو الله أن يحفظ بوعلي وكلنا نفديه بأغلى ما نملك ونعرف حبه لشعبه وحرصه على مصلحتهم. أنا امرأة عجوز أرملة، ليس لي في الدنيا سوى ما أملك في المنطقة وما يعينني على ضمان قوت يومي واليوم أنا مهددة بضياع هذا البيت الذي ورثته عن أجدادي. كل أمنيتي أن توصل كلامي لصاحب السمو، أمنيتي أن أتكلم مع “شيخ الشيوخ” خليفة بن سلمان، والله مستعدة للجلوس بعبايتي على عتبة بيتي بانتظار مقدم بوعلي لأنني مؤمنة أنه المنصف وأنه العادل”. انتهى كلام المرأة المسنة، وهنا أختم هذه السطور “الطويلة” –-رغم أن في الجعبة الكثير- بتأدية هذه الأمانة ونقل أصوات أهالي الحورة الذين تواصلوا معي لسمو رئيس الوزراء الموقر بشأن هذه القضية. اللهم ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90