تدخل الولي الفقيه الإيراني علي خامنئي مراراً في فتنة البحرين داعماً ما سماه المعارضة وهو يأمرها وينهاها. وهذا تدخل سافر في شؤون الدول العربية وأمنها واستقرارها، وهو ينتقد مراراً دول التعاون الخليجي بشكل لا ينمّ عن الأخلاق الإسلامية واحترام دول الجوار. كتب حسين شريعتمداري وهو مستشار خامنئي في مقاله بصحيفة “كيهان” الرسمية، معتبراً البحرين تابعة لإيران وانفصالها غير شرعي كما هاجم مجلس التعاون الخليجي بأسلوب استعلائي. وتجد تصريحات متعددة بين مدة وأخرى تكشف بشكل سافر عن نظرة سيئة، فقد هاجم منوشهر محمدي مساعد وزير الخارجية الإيراني أنظمة الخليج العربي مهدداً بسقوطها في كلمته بمدينة مشهد الإيرانية وهو جزء من حملة كبيرة تدخل في توسع الإمبراطورية الفارسية على حساب العرب وكذلك تهديدها بإغلاق مضيق هرمز حيث أهميته فهو يمثل ثلثي الاحتياطي النفطي العالمي. الأطماع الإيرانية قديمة في إمبراطوريتها الفارسية واستطاعت إيران منذ الثمانينات تأسيس أحزاب تابعة لها لإسقاط الأنظمة العربية المختلفة. في البحرين أسست إيران مثلاً “الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين” والتي اكتشف جناحها العسكري في يناير 1981 وتخطيط لقلب نظام الحكم البحريني، كذلك في عام 1983 اكتشفت الأسلحة والمتفجرات في الدراز واعتقل أشخاص حكم عليهم بالسجن، أيضاً خلية “حزب الله” واعتقل قياداتها وغيرها كثير جداً. استنفرت حالياً خلايا عديدة في مختلف الدول لامتثال أوامر ولي الفقيه الإيراني بمحاولة خلق فتنة في البحرين، وتحرك فيلق القدس الإيراني من خلايا فروعه المختلفة لتحريك أتباعه في البحرين والعراق ولبنان والكويت وأوروبا وأمريكا. أكبر خلية هي في البحرين نفسها يرأسها ممثل خامنئي الشيخ عيسى قاسم “المرشد” إمام جامع الإمام الصادق والذي يأخذ أوامره من خامنئي مباشرة ويقود جملة من رجال الدين وأتباعهم، وقد درس في قم منذ التسعينات على يدي محمود الهاشمي الشاهرودي رئيس القضاء الإيراني السابق وكاظم الحائري، المعروفين بارتباطهما بالولي الفقيه. كما كان قاسم من مؤسسي “جمعية التوعية الإسلامية” المرتبطة بولاية الفقيه وقد دعت الجمعية الكثير من ممثلي الولي الفقيه ووكلائه إلى البحرين لتغذية الفكر المتشدد التابع لإيران مثل محمد علي التسخيري ومصباح يزدي والطبسي ومحسن الأراكي ومحمد مهدي الآصفي ومحمد سعيد النعماني وكذلك من ادعى تحوله من التسنن إلى التشيع كالدمرداش العقالي وغيره في خطة طائفية لتحويل السُنة إلى تشيع فارسي تابع لإيران. تحت مظلة قاسم ممثل الولي الفقيه، يخضع الكثير من رجال الدين الفاعلين مثل علي سلمان الذي رضع في قم منذ 1987 وتربى على ولاية الفقيه، وعاش في لندن منذ عام 1995 حتى 2001 كنائب عن ممثل الولي الفقيه بلندن محسن الأراكي ثم رئيساً لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي كأكبر كتلة فازت في الانتخابات البرلمانية وامتيازاتها الكبيرة مع علاقاته الحميمة مع القوى المتشددة المطالبة بإسقاط النظام بالقوة والعنف وإلحاقها بإيران. خلايا الولي الفقيه في لبنان تمثلت بدعم كبير واضح من حزب الله وزعيمه شخصياً نصرالله بمختلف أنواع الدعم، كذلك في العراق الجريح كانت الأحزاب الطائفية الموالية لإيران تدعم الفتنة في البحرين بشكل كبير بل كانت الفتاوى الدينية تحرض المظاهرات في البحرين بينما تحرم نفسها المظاهرات في العراق كما تحرم المظاهرات في سوريا وإيران وهي من مفارقاتهم وتناقضاتهم. لندن احتضنت مؤتمرات وندوات وخلايا كثيرة تابعة لولاية الفقيه لدعم الفتنة في البحرين ومنها المركز الإسلامي الإيراني وممثل الولي الفقيه ومؤسسات المرجعيات الفارسية. صوت شعب البحرين بأغلبية ساحقة تقرب من الإجماع على الميثاق الوطني عام 2001 في دعم الأمير واحترام النظام وسيادة القانون وترك أعمال العنف وبيعة مطلقة للحاكم الأمير حيث وافقت عليه حتى من يسمى بالمعارضة اليوم ورموزهم ثم التصويت عليه بشكل جماعي يمثل إجماعاً للشعب على الأمير وصلاحياته منسجماً مع الدستور وقوانينه. فيما عدا ما بدا بسبب إيران وغدرها المعروف وأطماعها التوسعية وأتباعها. تمّ العفو الأميري عام 2001 عن ما يسمى “المعارضة” التي عاشت في الخارج وعندها حصلت على ميزات كبيرة لم تحلم بها كعلي سلمان رئيس الوفاق في البرلمان، ومجيد العلوي وزيراً للعمل ومنصور الجمري نجل الشيخ عبدالأمير الجمري “رمز المعارضة وصاحب الاعترافات والاعتذارات المعروفة” رئيساً لتحرير جريدة “الوسط”، ومناصب كثيرة للشيعة... لكن البعض لم يحصل على ما يطمح إليه من مناصب وهو طامع بالكثير خصوصاً أساس الفتنة والبلاء المتشددين جداً لولاية الفقيه والقائلين “لا يصلح البحرين إلا قيادة الولي الفقيه والإطاحة بالحكم” وهم يدعون إلى إلغاء الوطن كاملاً والالتحاق بإيران، يضعون قدماً متشددة في المعارضة وقدماً طلباً في منصب في الحكومة فقد سارعوا مراراً وتكراراً للقاء الأمير، بمجرد تلويحه في زيارته للندن، قدموا زحفاً دون مشورة أحد من رفاقهم وزملائهم معلنين السمع والطاعة والولاء المطلق لحكومته، وما أكثر ما تمّت زياراتهم للأمير، وهذا يكشف ازدواجيتهم وتناقضاتهم ومصالحهم الشخصية وخداعهم للشعب بعناوين أبعد ما تكون في فكرهم أو حركتهم. أثبتت المظاهرات بما لا يقبل مجالاً للشك ولاءها لإيران ورفع صور الولي الفقيه وحسن نصرالله واستعمال العنف خصوصاً المولوتوف الحارق وحرق المؤسسات وشعارات طائفية يملأُها الحقد والبغضاء والتفرقة والكراهية والانتقام وغيرها مما يجعلها طائفية مؤيدة لإيران بامتياز بعيداً عن الوطنية والوطن والقيم والأخلاق. إيران تستغل الدين والمذهبية أسوأ استغلال لتعطي صورة مشوهة جداً عن الدين والمذهب فيها ثقافة التكفير والسباب واللعن والتفريق والولاء للفرس، علماً أن الدين والمذهب منها براء فلا الدين السمح ولا أخلاقه السامية ولا تشيع آل البيت يقبل بالعدوان والظلم والقهر والتفرقة. إن المعايير المزدوجة لخلايا خامنئي في المنطقة وهي تقف مع نظام الأسد ضد شعبه وتدعم قمع الشعوب الإيرانية وتؤيد المالكي في حركته الطائفية في اجتثاث السُنة، وتحريم المظاهرات ضده بينما تدعو إلى قلب النظام في البحرين واليمن، وهي مازالت تحتلّ الجزر العربية الإماراتية الثلاث.. لهي معايير مزدوجة كشفت المستور وعرفت الشعوب ما لا يقبله العقل السليم ولا الدين الحنيف ولا الحق والأخوة والإنصاف. إن أمن الخليج العربي مهدد من إيران وأتباعها، والبحرين واليمن مثالان صارخان، ويومياً نسمع التهديدات الإيرانية وصواريخها الجديدة ومناوراتها في الخليج وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز وغيرها. بات أمن الخليج أولوية قصوى وضرورة لأمن العرب أمام التمدد الإيراني ومطامعه التوسعية وهنالك عشرات المؤامرات الفارسية ضد الأمة العربية والخليج العربي بالذات ويكفي ما ترونه في العراق الجريح اليوم وفتنة البحرين وأزمة اليمن ومحنة لبنان مما يستوجب موقفاً عروبياً إسلامياً شجاعاً يتصدى للفتن قبل استحكامها ويكون فاعلاً مؤثراً مبادراً وفق رؤية ومنهجية واستراتيجية متكاملة، فماذا أنتم فاعلون؟ عن الشرق الأوسط