بعد مرور 23 يوماً من انطلاق اليورو، الفقير هو فقط الذي لم يتعلم شيئاً من هذه البطولة، لقد شاهدنا مباريات، ولكننا تعلمنا في فترة ما بين 8 يونيو إلى اليوم قيماً و دروساً مجانية، لا أعتقد أن أية بطولة في العالم ستقدم ما قدمه صديقنا اليورو الكريم.
الجانب الفني كان أميز ما في البطولة على أرض الميدان، لو أخذنا البطولة من جانب فني تكتيكي، اختلفت المنتخبات وتعددت الألوان، ولكن تبقى الكرة الحديثة هي عنوان كل هذه المنتخبات، من فرنسا بقيادة لوران بلان حتى الإيطاليين الذين اشتهروا بالدفاع، ففي هذا اليورو شاهدنا وجهاً غير اعتيادي من الإيطاليين، لم أجد يوماً مدرباً إيطالياً بنى توازناً بين أهمية الدفاع والهجوم بقدر برانديللي، الذي لم يفضل جهة على أخرى، بل جاهد وكدح لتطوير وتنمية كلتا الجهتين في سابقة نخبوية في كرة القدم الإيطالية، لا ننسى حتى بولندا وكرواتيا المنتخبات التي قدمت كرة حديثة متناسقة متناغمة جميلة، وأيرلندا كذلك، المنتخب الذي تطور بشكل كبير فنياً رغم خروجه بثلاث هزائم متتالية، وكاد أن يتأهل لكأس العالم لولا يد تيري هنري.
سينتهي اليورو الليلة، ولننتبه لشيء واحد أو سأقولها درس واحد، رغم الهزائم والخروج لأربعة عشر فريقاً، ولكني لم أشاهد أي اتحاد يقيل مدربه، شيء مثير للتعجب والاستغراب، فأية ثقافة يمتلكها الأوروبيون في الإيمان بمشاريعهم!!، وكما هو معهود فإن الإيمان بالمشروع لا يقتصر على الفكرة بقدر ما هو يعتمد وبشكل كبير على التنفيذ والتطبيق الحرفي، بولندا مازالت مؤمنة بالمشروع الألماني الذي أوصى عليه بينهاكر، والطليان آمنوا بمشروع برانديللي “تحفة هذه البطولة”، والألمان رغم الست سنوات برفقة يواكيم لوف ولكنهم مازالوا يؤمنون بأن لدى هذا الشاب قدرات هائلة لم تظهر وأفكار لم تر النور بعد، الآن في العالم لو أقلت مدربك بعد بطولة أو بطولتين ستكون موضع سخرية، لأن التعاقد مع المدرب لا يكون مجرد ورقة وتوقيع في العصر الحديث بقدر ما هو محاولة لزرع ما يملكه من أفكار وقيم، محاولة للإيمان والثقة والتفاؤل بما سيقوم به هذا المدرب من عمل ومجهود.
الليلة سنودع اليورو وكأننا على مشارف نهاية فيلم كبير، فيلم امتزجت به كل الحضارات والألوان والمشاهد، فيلم كان لمخرجه الأثر الكبير، فيلم كان هو الأجمل لهذا العام، ورغم قصره إلا أنه الأكثر تأثيراً كعاطفة، وجمالاً كلوحات، وإلهاماً كقيم!
{{ article.visit_count }}