مازال مسار الأزمة في البحرين غير واضح، ليس لأسباب داخلية، فالمسار الداخلي واضح لأنه يقوم على مزيد من الإصلاحات السياسية وضبط الأوضاع الداخلية حسبما ينص عليه الدستور والقانون، ودون المساس بالحريات والحقوق المكفولة دستورياً، وإن كان السواد الأعظم من المواطنين لا يتفقون مع مثل هذا الحل بسبب انفعالهم العاطفي بشكل رئيس.
وعليه فإن السبب الرئيس لعدم وضوح مسار الأزمة في البحرين الارتباطات الخارجية التي لم تتوقف حتى الآن، سواءً من أطراف إقليمية مثل إيران، أو حتى من أطراف دولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
يمكن ملاحظة بدء تراجع الضغوطات الدولية الإعلامية والسياسية على المنامة خلال الفترة الأخيرة، ونفهم أسبابها جيداً، ولكننا نتوقع خلال الفترة المقبلة أن تتراجع وتبدأ موجة جديدة من التغيير وسبب ذلك انشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها نهاية العام الجاري. فليس متوقعاً من الإدارة الحالية أن تنشغل كثيراً بفقدان شركائها الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط مع وجود تحدي الرئاسة للرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولكن ما هي التوقعات لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
المتوقع أن تبدأ نتائج عمل واشنطن في المنامة حالياً مع الربع الأول من العام المقبل 2013. وهو عمل دؤوب يقوم به دبلوماسيو واشنطن في البحرين دون كلل، واللافت في هذا العمل أنه لا يستهدف المعارضة الراديكالية التي انتهت أهمية إقامة تحالف استراتيجي معها، بقدر استهداف فئة جديدة ما زالت تمر بمرحلة إرهاصات الثورة مع تزايد حالة الاستياء والتذمر التي تمر بها مدعومة من قوى محلية وخارجية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدي.
دبلوماسيو واشنطن في المنامة يعملون حالياً على اختراق المكوّن السني باحتراف، وهناك مجموعات استطاعت الانسياق وراءهم، وصارت تؤمن بأن هناك قضية لما يسمى بـ (الثورة) مع ضرورة تغيير النظام السياسي، وتعقد حالياً سلسلة من الاجتماعات المتواصلة بين الطرفين لأهداف معروفة.
من الملاحظات المهمة التي يمكن الحديث عنها هنا ظاهرة تزايد الشخصيات الراديكالية السنية التي تحولت من أدوات للدفاع عن الدولة إلى أدوات نشر الاستياء ضد الدولة. نتائج هذه الشخصيات كبيرة وخطيرة، ولن تظهر سريعاً، ولكن هناك ترتيبات جارية ميدانياً للتنسيق بين هذه الشخصيات في تنسيق للأدوار. ويمكننا أن نلاحظ الخطاب الإعلامي لمثل هذه الشخصيات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
لا نتوقع الآن أن تحدث تغييرات في طريقة تعاطي واشنطن مع المنامة، ولكننا نتوقع دوراً قوياً بعد الانتخابات الرئاسية عندما تبدأ موجة التغيير الثانية في البحرين ليس من قبل المعارضة الراديكالية، وإنما من قبل فئات المكوّن السني الراديكالي. كما نتوقع أيضاً أن نجد حضوراً للشخصيات السنية الراديكالية بمرور الوقت في بعض وسائل الإعلام التقليدية داخل وخارج البلاد.