الأسبوع الماضي شغل أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان وقته باستقبال المهنئين له بالسلامة جراء تعرضه للخطر وهو يسعى إلى قيادة مظاهرة كانت السلطة قد قررت عدم السماح بها لأسباب أعلنت عنها، حيث تناقلت الأخبار أنه تعرض لإصابة بالكتف، وقيل إنه كان مستهدفاً، بينما اعتبر البعض ما حدث عبارة عن محاولة اغتيال له! ففي مقر جمعية الوفاق استقبل الشيخ سلمان وفود المهنئين له بالسلامة، وحرصت الجمعية بشكل لافت على إظهار مدى شعبية أمينها العام، فملأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور استقبالاته وباقات الورود التي تلقاها، وتلك التي حولها إلى آخرين بغية كسب مزيد من التعاطف. لكن ما لفت الانتباه حقاً في تلك الصور والأخبار صورة بدا واضحاً أن الأمين العام كان يريد أن يوصل من خلالها رسالة؛ حيث اصطف وبعض أعضاء الجمعية في صورة جماعية بدت وكأنها مرتبة ترتيباً دقيقاً ضمت نحو ثمانية أو عشرة من الشباب المرتدين للأكفان وهم محيطون بسلمان ويبتسمون! “المتكفنون” كانوا من شباب قرية الهملة، وهي من القرى التي لها دور بارز في المواجهات مع رجال حفظ الأمن، وكان واضحاً أنه أريد لهم الظهور بوجوههم من دون أقنعة. ترى ما الرسالة التي أراد سلمان توصيلها عبر هذه الصورة المثيرة؟ الرسالة الظاهرة هي أن له أنصار وأنهم مستعدون ليفدونه بأرواحهم وأن على الحكومة ألا تفكر في التسبب في أذيته فوراءه “رجالة “! لكن الصورة لم تكن تريد أن توصل هذه الرسالة فقط؛ فهناك بالتأكيد رسائل أخرى غير هذه الواضحة، فما هي تلك الرسائل؟ حتى فترة قريبة، كانت الوفاق تحرص على التأكيد على أنها تنادي بالإصلاح، وأنها تختلف مع الجماعة التي تطلق على نفسها اسم ائتلاف 14 فبراير والتي تطالب بإسقاط النظام وتتخذ من العنف سبيلاً، فهل بحرص سلمان على الظهور في تلك الصورة محاطا بشباب الهملة السافر الوجه والمتكفن يريد القول إن الوفاق -وبسبب تعرضه للخطر- صارت لا تختلف عن الائتلاف، وأنها إن كانت بالأمس تنادي بإصلاح النظام فإنها اليوم تعلن أنها مع الائتلاف قلبا وقالبا، وأنها تنادي بإسقاط النظام طالما أن المسألة وصلت إلى حد ما قيل أنه استهداف لأمينها العام الذي هو “خط أحمر”؟ هذا ممكن ويمكن ملاحظة تغير أسلوب الوفاق في التعامل مع الأحداث اليومية، حيث لم تكن بمثل هذه “الشراسة” من قبل، ولعل المتابعين يلاحظون مثل هذا الأمر في تصريحات بعض قياداتها الذين صاروا يقودون المواجهات عبر مختلف وسائل الإعلام والفضائيات التي تتقدمها السوسة الإيرانية وصاروا يبرزون في الميدان وصاروا أعلاماً في مواقع التواصل الاجتماعي. لكن سؤالاً آخر يفرض نفسه؛ هل انتقال الوفاق إلى أسلوب المواجهة و«المناحس” هو رد فعل على ما تعرض له أمينها العام أم أنها وجدت في تلك الحادثة فرصة ليعود الشارع إليها؟ حيث المعروف أن الشارع فلت من بين يديها وصار المتحكم فيه مجموعة من الشباب من قليلي الخبرة السياسية أو معدوميها، حتى بدت الوفاق في الفترات الأخيرة وكأنها تابعة لائتلاف فبراير! دونما شك حرصت الوفاق على الاستفادة من هذه الواقعة التي لم يتردد البعض عن القول إن الوصول إليها كان هدفاً لها بغية استثمارها بطريقتها، حيث استدرار العواطف وسيلة مهمة للسيطرة على الشارع قد توفر لها أيضاً ورقة تستفيد منها في تحركات قيل إنها تجري تحت الأرض. حتى لو كان التحليل الأخير صحيحاً وكان لدى الوفاق رسائل تريد توصيلها من خلال تلك الصورة الممتلئة بالشباب المتكفن المحيط بالشيخ علي سلمان فإنه لا يمكن إلا أن يكون لها سلبيات لم تنتبه إليها الوفاق ستكتشفها لاحقاً.