حالة الدولة بلا مسؤول عندما تشهد الدولة العديد من المشاكل والتحديات والقضايا والظواهر ولا يخرج علينا أحد المسؤولين ويتحدث بأنه المسؤول عنها، وأنه يتحمل المسؤولية لمعالجتها، ويوضح للرأي العام الإجراءات التي سيقوم بها، والخطوات المطلوبة لمعالجة المشكلة التي يتحدث عنها الرأي العام على الأقل.
أحد الوزراء في وزارة خدمية قبل أقل من خمس سنوات سأل عن المشكلة الكبيرة التي تواجهها الدولة في مجال وزارته، فكان رده: لا أعتقد أن البحرين تواجه مشكلة في هذا القطاع، رغم تصريحات كبار المسؤولين الحكوميين بأن هذه المشكلة تمثل التحدي الأساس في البلاد!
حالة الدولة بلا مسؤول لا تعني عدم وجود المسؤولين من ذوي الكفاءات، وكذلك أصحاب القرار الذين نفتخر بهم، ولكنها تعني غياب المسؤولية وتقاذفها بين عدة أطراف والنتيجة تعني لا نتيجة.
حتى نكون أكثر وضوحاً وأقرب إلى الواقع من النظرية لنتحدث عن مسألة يتم الحديث حولها ليس الآن فحسب، وإنما منذ شهور طويلة، وهي تطبيق القانون، فالجميع يتحدث عن تطبيق القانون وأهميته، منذ مارس 2011، المسؤولون يتحدثون حول ذلك، والنواب والشوريون أيضاً، وحتى عامة الناس وفعاليات الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.
وقبل فترة كنا نتحدث عن أن قانون العقوبات الحالي لا يقدم عقوبات مشددة لمن يعتدي على رجال الأمن، ولمن يقوم بجرائم تتعلق بالأمن الوطني. أدركت هذه الإشكالية سريعاً وقام أعضاء السلطة التشريعية بتعديلات على القانون نفسه لتكون العقوبات رادعة أكثر، وصدر القانون المعدل حسب الآليات الدستورية. ولكن من غير المعروف أين الخلل الآن، وسط تقاذف المسؤوليات والتهم المتبادلة بين الجهات الرسمية ويبقى الرأي العام منتظراً نهاية المشهد!
تتعرض إحدى الدوريات الأمنية لاعتداء إرهابي، ولا يعرف من تنتهي التحقيقات، وما إذا تمت التحقيقات أصلاً، وهل أحيل المشتبه بهم إلى النيابة العامة أم لا؟ وهل قامت النيابة العامة بتحقيقاتها؟ ومتى ستنتهي تحقيقاتها؟ ومتى ستحيل المشتبه بهم إلى القضاء؟ ومتى سينظر القضاء في مثل هذه القضايا؟
حالة الدولة بلا مسؤول من أهم سمات النظام السياسي البحريني في مرحلة ما بعد أزمة فبراير 2011، وهي ظاهرة تستحق الوقوف عندها لأن الدولة ليست بحاجة لمسؤولين يشغلون المناصب فحسب، وإنما بحاجة إلى مسؤولين يتولون مهامهم بجدارة واقتدار بدلاً من الهروب عن المسؤولية ورميها لدى الآخرين، القوانين لدينا جيدة، ولكنها بحاجة لمن يعلن أن مسؤوليته تنفيذ القانون نفسه، ومسؤوليته ضبط النظام في الدولة.