بعد أن تمكن الخميني من إقصاء شركائه في الثورة من حركات وشخصيات وتيارات ليبرالية وعلمانية ودينية معتدلة، وانفراده بالحكم والسلطة المطلقة، خضعت أغلب الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية الإيرانية للقوى والمليشيات الثورية، بما فيها وزارة الخارجية التي أصبحت تحت نفوذ مليشيات الحرس الثوري ووزارة الأمن والاستخبارات (الاطلاعات)، وكان عدد من الوزراء الذين تسلموا حقيبة وزارة الخارجية خلال العقود الثلاثة الماضية ينتمون للحرس الثوري بما فيهم الوزير الحالي علي أكبر صالحي . كما إن أغلب السفراء والقناصلة ورؤساء البعثات الدبلوماسية الإيرانية في المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وفي أمريكا اللاتينية وأفريقيا هم من عناصر الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، وبهذا تحولت الخارجية الإيرانية لوزارة مخابراتية تنفذ المخطط التوسعي الإيراني، وأصبحت سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج مقار للتجسس ودعم المنظمات التخريبية واغتيال المعارضين لنظام الملالي، ومن الأمثلة على ذلك يمكن ذكر:1- دور السفارة الإيرانية في النمسا بعملية اغتيال المعارض الكردي البارز وزعيم حزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الدكتور عبدالرحمن قاسملو مع اثنين من مساعديه يوم 13 يوليو 1989م، وأعلنت السلطات النمساوية أنها تمتلك وثائق تؤكد مشاركة الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد في اغتيال قاسملو إلى جانب أحد أعضاء السفارة الإيرانية.2- قيام السكرتير الثاني في السفارة الإيرانية في ألمانيا كاظم دارابي بقيادة المجموعة الإرهابية التي نفذت اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني فاضل شرفكندي عام 1992م، والتي عرفت بعملية مطعم ميكونوس، وحكم فيها على دارابي بالسجن المؤبد، ولكن تم الإفراج عنه عام 2007م ضمن صفقة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان بوساطة ألمانية.3- دور السفارة الإيرانية في أنقرة في عمليات خطف واغتيال معارضين إيرانيين في تركيا خلال الفترة ما بين 1985 و1989م، وكان السفير الإيراني وقتها منوشهر متكي، الذي أصبح فيما بعد وزيراً للخارجية.4- تأسيس حزب الله الإرهابي في لبنان مطلع الثمانينيات على يد السفير الإيراني في دمشق وقتها علي اكبر محتشمي بور، ورعاية سلفه السفير الإيراني الأسبق الملا محمد حسن اختري لهذا الحزب الإرهابي.5- مساعدة السفارة الإيرانية لعدد من المجنسين الكويتيين عام 1989م بتهريب متفجرات إلى السعودية وتفجيرها في مكة المكرمة، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من حجاج بيت الله الحرام.6- تورط السفارة الإيرانية في الأرجنتين بالتفجيرات التي وقعت في العاصمة بيونس آيرس عام 1994م، وهناك أمثلة أخرى عديدة.كما تعرضت عدد من دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقود الثلاثة الماضية إلى كثير من المؤامرات والأعمال الإرهابية الإيرانية، هيأت وشاركت السفارات الإيرانية في الخليج في العديد من هذه الأعمال، وكانت دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وما تزال، أكثر الدول عرضة للمؤامرات والاعتداءات الإيرانية، إما مباشرة من قبل السلطات الإيرانية أو عبر الأحزاب والجماعات الطائفية والشبكات التجسسية التي تعمل لصالح إيران.ولعل فيما تقدم من مقتطفات عن الجرائم التي نفذتها السفارات الإيرانية في عدد من دول العالم دلالة كافية لإظهار المهام التي تقوم بها هذه السفارات، والتي أبعد ما تكون عن المهام الدبلوماسية وخدمة الرعايا الإيرانيين في الخارج.وتعرضت دولة الكويت، التي كانت أول دولة خليجية تعترف بنظام الثورة وترسل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك الشيخ صباح الأحمد (أمير الكويت الحالي) ليكون أول مسؤول رفيع المستوى من دول الخليج العربي يزور طهران مهنئاً بانتصار الثورة، إلى عدة اعتداءات مباشرة وغير مباشرة من قبل إيران، وكان من بينها تعرض المراكز الحدودية الكويتية في الشمال لغارات جوية من قبل الطائرات الإيرانية في 12 و16 نوفمبر 1980م، تعرض مصفاة أم العيش النفطية بالكويت لغارة جوية في 1 أكتوبر 1981، ورغم إسقاط الدفاعات الجوية الكويتية في ذالك العام طائرة أف - 4 فانتوم إيرانية بصاروخ أستريلا 2 بعد اختراقها المجال الجوي الكويتي في العبدلي شمال الكويت؛ إلا أن النظام الإيراني واصل نفيه لهذه الاعتداءات التي كانت جزءاً من سلسلة اعتداءات إيرانية طويلة تعرضت لها الكويت ما بين 1988 - 1981، وكانت أهمها محاولة اغتيال الأمير السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1985م، وما سبقها من تفجيرات عام 1983م استهدفت بعض المنشآت النفطية الكويتية ومقار السفارات الأجنبية والمقاهي الشعبية، إضافة إلى خطف طائرات مدنية كويتية عام 1988 وقتل رهائن كويتيين وأجانب كانوا على متنها، جرى ذلك كله على أيدي عملاء من حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي، والذين كانوا يتلقون الدعم من السفارات الإيرانية في لبنان والكويت. .. يتبع
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90