تعاني طهران من قصور واضح ومستمر في قراءة الردود الخليجية على استفزازاتها، مما يجعلنا نجزم أن ذلك هو سبب تعطل منطقة الفهم لدى صانع السياسة هناك. ففي ثنايا أزمات طهران مع المجتمع الدولي تتجدد أطماعها في البحرين، مغرية كل ذي مخلب وناب هناك ليدلوا بدلوهم قفزاً فوق الواقع وبناء على تحليلات مفعمة حتى الثمالة بنزعة توسعية وكأنهم لم يفهموا ما نقول، وقد كانت آخر المحاولات ما تكشف في “الوثيقة الإيرانية” التي طرحت في اجتماعات 5+1 في بغداد وموسكو. وتتحدث الوثيقة عبر 50 صفحة في محورها الأول عن اتفاقية حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل من خلال الفهم الإيراني لذلك. وفي المحور الثاني تقوم إيران بمناورات لإعادة تعريف معنى تعزيز الشفافية التي هي لب الصراع مع المجتمع الدولي.
أما المحور الثالث في الوثيقة فهو طرح طهران مواضيع إقليمية، خصوصاً سورية والبحرين على أساس أن الأمور سوف تنحى إلى الانفراج بوجود حل شامل للقضايا الإقليمية. فما الذي تفعله طهران بعد أن وضعت نفسها مرجعية للقضايا الإقليمية؟ وما الذي علينا أن نفعله لمنع مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وفريقها من الانصياع للفهم الإيراني الملتوي؟
يعتقد فريق نجاد أن لديه فسحة من الآن حتى تبدأ العقوبات في النمو على أرصفة شوارع طهران، وأن هناك مجالاً للمناورة بعد انقشاع غيوم احتمالات الضربة العسكرية للأسباب التالية:
1- ليست واشنطن مؤهلة لاتخاذ قرار الحرب بعد أن خسرت في العراق وتخسر حالياً في أفغانستان.
2- دون دعم واشنطن لن تهاجمها إسرائيل، وسيظل الدعم مفقوداً في أفق علاقات أوباما مع الصهاينة.
3- تعصف بالاتحاد الأوروبي أزمة مالية جعلته يفكر في سحب جنوده من أفغانستان، فكيف يبدأ حرب جديدة لا تشبه النزهة الليبية.
4- لن تستمر مكابرة الغرب في تحمل غياب النفط الإيراني لمدة طويلة.
5- ستبقى الصين وروسيا سنداً لإيران باستيراد نفطها وبالفيتو في الأمم المتحدة.
6- لا يملك الغرب إلا الإذعان أمام إصرار إيراني ناجح أوصلهم لتخصيب اليورانيوم بنقاوة 20%.
وحين نتجاوز الاستغراب من مقارنة ما لا يقارن في الحالة السورية والبحرينية، تبقى حقيقة أن الإيرانيين قد تعودوا على الاستجابات العربية والخليجية المرتبكة، فحين تدخل رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في الشأن البحريني في مايو الماضي واصفاً دخول قوات درع الجزيرة بالابتلاع، كان تعاملنا مع الموقف استنكاراً من مجلس التعاون، واستياء شديداً من الجامعة العربية. صحيح أن الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني قد أشاد بالوقفة التضامنية لدول مجلس التعاون مع البحرين في شأن “الوثيقة الإيرانية”، لكن ذلك لن يكفي لوقف إيران، المطلوب هو إجراءات أشد سيساعد في تحقيقها أمور عدة منها:
1- أساء الإيرانيون قراءة المشهد الإقليمي وإمكانية تعليق العقوبات الاقتصادية بورقة البحرين.
2- قوض التقرب الإيراني من سيادة البحرين بهذا الأسلوب الفج آخر قاعدة يتمسك بها من يقول إن ما يجري هو حراك إصلاحي لا شأن لطهران به.
3- يمكن تفسير المحور الثالث كواحد من استفزازات النفس الأخير.
4- تسعى طهران للإمساك برهينة، كما فعل صدام حين طلب حل كل القضايا العربية كشرط للانسحاب من الكويت 1990م.
لن تكف طهران عن محاولاتها التي لا تتوقف للتواؤم مع الظروف الجيوسياسية المتغيرة حيال البحرين، إلا بعد أن نحقنها عنوة بما عالجنا به الشاه عشية استقلال البحرين، لكي تعي أن مملكة البحرين لم تكن في يوم من الأيام ثغرة في جدار دول مجلس التعاون يسهل النفاذ منها، بل باب عرين الأسود الذي تغامر طهران بإدخال رأسها فيه. ولتدعيم ذلك ووئداً للاستفزاز الإيراني الجديد على دول المجلس الاستفادة من المزاج الاستراتيجي المعادي لطهران حالياً للقيام بالإجراءات التالية:
1- استدعاء سفراء بعثات الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا (5+1) من قبل وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الست كل دولة خليجية على انفراد، لزيادة زخم الغضب الخليجي حيال هذا الاستفزاز، حيث لا يكفي قيام الخارجية البحرينية والأمانة العامة لمجلس التعاون بذلك.
2- رفض كافة دول مجلس التعاون حضور قمة حركة عدم الانحياز التي ستعقد في طهران احتجاجاً على هذا التدخل. ولنا في الرئيس اليمني عبدربه منصور قدوة حسنة حين رفض استقبال حامل الدعوة الإيرانية. بل إن البيئة السياسية العربية والإسلامية مهيأة لتبني الغضبة الخليجية، فالعزلة السياسية هي عدو إيران الأكبر حالياً.
3- يجب التسليم أن مسألة توسيع المدى الاستراتيجي للخليج هو من أهم الضمانات لأمن دوله، والخطوة المناسبة حالياً هي زيادة وتيرة إرهاق نظام الأسد لتقويض أحد أهم جسور المدى الاستراتيجي الإيراني. فالحرب الباردة على ضفتيه هي حرب مديات.
إن القراءة السياسية الرصينة هي سبيل النجاح في العلاقات الدولية. ولاشك أن تدني هذا النوع في طهران -بإقحامها للبحرين في طموحها النووي- قد حرمها قدرة التجول في المكان والزمان الإقليمي بوعي. مما يجعل وضع النقاط البحرينية على حروف الوثيقة الإيرانية القابعة في أدراج كاثرين أشتون خير وسيلة لردع طهران.
{{ article.visit_count }}
أما المحور الثالث في الوثيقة فهو طرح طهران مواضيع إقليمية، خصوصاً سورية والبحرين على أساس أن الأمور سوف تنحى إلى الانفراج بوجود حل شامل للقضايا الإقليمية. فما الذي تفعله طهران بعد أن وضعت نفسها مرجعية للقضايا الإقليمية؟ وما الذي علينا أن نفعله لمنع مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وفريقها من الانصياع للفهم الإيراني الملتوي؟
يعتقد فريق نجاد أن لديه فسحة من الآن حتى تبدأ العقوبات في النمو على أرصفة شوارع طهران، وأن هناك مجالاً للمناورة بعد انقشاع غيوم احتمالات الضربة العسكرية للأسباب التالية:
1- ليست واشنطن مؤهلة لاتخاذ قرار الحرب بعد أن خسرت في العراق وتخسر حالياً في أفغانستان.
2- دون دعم واشنطن لن تهاجمها إسرائيل، وسيظل الدعم مفقوداً في أفق علاقات أوباما مع الصهاينة.
3- تعصف بالاتحاد الأوروبي أزمة مالية جعلته يفكر في سحب جنوده من أفغانستان، فكيف يبدأ حرب جديدة لا تشبه النزهة الليبية.
4- لن تستمر مكابرة الغرب في تحمل غياب النفط الإيراني لمدة طويلة.
5- ستبقى الصين وروسيا سنداً لإيران باستيراد نفطها وبالفيتو في الأمم المتحدة.
6- لا يملك الغرب إلا الإذعان أمام إصرار إيراني ناجح أوصلهم لتخصيب اليورانيوم بنقاوة 20%.
وحين نتجاوز الاستغراب من مقارنة ما لا يقارن في الحالة السورية والبحرينية، تبقى حقيقة أن الإيرانيين قد تعودوا على الاستجابات العربية والخليجية المرتبكة، فحين تدخل رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في الشأن البحريني في مايو الماضي واصفاً دخول قوات درع الجزيرة بالابتلاع، كان تعاملنا مع الموقف استنكاراً من مجلس التعاون، واستياء شديداً من الجامعة العربية. صحيح أن الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني قد أشاد بالوقفة التضامنية لدول مجلس التعاون مع البحرين في شأن “الوثيقة الإيرانية”، لكن ذلك لن يكفي لوقف إيران، المطلوب هو إجراءات أشد سيساعد في تحقيقها أمور عدة منها:
1- أساء الإيرانيون قراءة المشهد الإقليمي وإمكانية تعليق العقوبات الاقتصادية بورقة البحرين.
2- قوض التقرب الإيراني من سيادة البحرين بهذا الأسلوب الفج آخر قاعدة يتمسك بها من يقول إن ما يجري هو حراك إصلاحي لا شأن لطهران به.
3- يمكن تفسير المحور الثالث كواحد من استفزازات النفس الأخير.
4- تسعى طهران للإمساك برهينة، كما فعل صدام حين طلب حل كل القضايا العربية كشرط للانسحاب من الكويت 1990م.
لن تكف طهران عن محاولاتها التي لا تتوقف للتواؤم مع الظروف الجيوسياسية المتغيرة حيال البحرين، إلا بعد أن نحقنها عنوة بما عالجنا به الشاه عشية استقلال البحرين، لكي تعي أن مملكة البحرين لم تكن في يوم من الأيام ثغرة في جدار دول مجلس التعاون يسهل النفاذ منها، بل باب عرين الأسود الذي تغامر طهران بإدخال رأسها فيه. ولتدعيم ذلك ووئداً للاستفزاز الإيراني الجديد على دول المجلس الاستفادة من المزاج الاستراتيجي المعادي لطهران حالياً للقيام بالإجراءات التالية:
1- استدعاء سفراء بعثات الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا (5+1) من قبل وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الست كل دولة خليجية على انفراد، لزيادة زخم الغضب الخليجي حيال هذا الاستفزاز، حيث لا يكفي قيام الخارجية البحرينية والأمانة العامة لمجلس التعاون بذلك.
2- رفض كافة دول مجلس التعاون حضور قمة حركة عدم الانحياز التي ستعقد في طهران احتجاجاً على هذا التدخل. ولنا في الرئيس اليمني عبدربه منصور قدوة حسنة حين رفض استقبال حامل الدعوة الإيرانية. بل إن البيئة السياسية العربية والإسلامية مهيأة لتبني الغضبة الخليجية، فالعزلة السياسية هي عدو إيران الأكبر حالياً.
3- يجب التسليم أن مسألة توسيع المدى الاستراتيجي للخليج هو من أهم الضمانات لأمن دوله، والخطوة المناسبة حالياً هي زيادة وتيرة إرهاق نظام الأسد لتقويض أحد أهم جسور المدى الاستراتيجي الإيراني. فالحرب الباردة على ضفتيه هي حرب مديات.
إن القراءة السياسية الرصينة هي سبيل النجاح في العلاقات الدولية. ولاشك أن تدني هذا النوع في طهران -بإقحامها للبحرين في طموحها النووي- قد حرمها قدرة التجول في المكان والزمان الإقليمي بوعي. مما يجعل وضع النقاط البحرينية على حروف الوثيقة الإيرانية القابعة في أدراج كاثرين أشتون خير وسيلة لردع طهران.