اللعب في الطفولة أحد أسس التربية التي حاول أن يربينا عليها الأجداد والآباء وانتقلت إلى الأحفاد، الذين هم نحن، في أي زمان وأي مكان، وفي كل جغرافيا العالم، لذلك نرى هناك عشرات من الألعاب المختلفة، ألعاب بدنية تربي الجسم على النمو بصورة سليمة وجيدة، وتعمل على زيادة المناعة في أجسامنا، وهي قادرة على تجنيبنا كثيراً من الأمراض. كذلك الألعاب الذهنية تعلمنا كيفية استخدام العقل في الكثير من الظروف التي تمر بنا والتخلص من العوائق التي تعترض طريقنا، والألعاب الروحية - تربطنا بالله؛ مثل لعبة “حمامة نودي نودي” والتي لم يبق منها غير كلمات الأغنية ولحنها، حيث اخترقا الزمان والمكان ووصلت إلينا لنعيد إحيائها بين فترة وأخرى، تقول كلمات الأغنية.. حمامه نودي نودي.. سلمي علي سيوديسيودي راح المكه.. جابلي ثوب العكهحطيته في صندوقي.. وصندوقي ماله مفتاحوالمفتاح عند الحداد.. والحداد يبي فلوسوالفلوس عند العروس.. والعروس تبي رجل والرجل يبي حليب.. والحليب عند البقروالبقر يبون حشيش.. والحشيش فوق الجبل والجبل يبي مطر.. والمطر عند الله لا اله إلا الله محمد رسول الله..من هنا فأغلب الألعاب التي لعبناها في طفولتنا كانت محاولة لتعليمنا العيش المشترك، فنحن ندخل اللعبة، أية لعبة، بروح رياضية، بمعنى أن نكون في النصر والهزيمة، في النصر لا نسخر من الفريق المهزوم وفي الهزيمة لا نقوم بضرب الفريق المنتصر. حينما نكون صغاراً ونتطلع إلى الأكبر منا وهم يلعبون نحلم بالمشاركة معهم، لا نفكر بالانتصار عليهم، لا نفكر بالهزيمة أمامهم لأنهم أكثر خبرة وتجربة، بل كل اهتمامنا ينصب على شيء واحد هو متعة اللعب مع الآخرين ومشاركتهم، والشعور العام الذي من الممكن أن نحصل عليه وهو التناهي مع اللاعبين في ساعات اللعب.حينما نكتب أول قصائدنا أو نشارك في أول أغانينا أو نقوم بأداء أول دور لنا فوق خشبة المسرح، أو يطلب منا أن نلقي أول خطبة لنا أمام جمع كبير في المدرسة، ما كان الواحد منا يفكر في المال أو الشهرة أو الصيت بقدر ما كان يفكر أن يقوم بما يمكن أن يمتع نفسه وغيره في نفس الوقت.الحياة كلها تنطلق من هذا المعنى؛ من مشاركة الآخرين في أفراحهم وأحزانهم، في نصرهم وهزيمتهم، في الفرح بولادة قادم جديد إلى العالم، وبالحزن لمغادرة أحد الأشخاص إلى العالم الآخر.فنحن في الواقع لم ندخل اللعبة، لعبة الحياة، أو لعب اخترعناها من أجل الفوز والانتصار وكسر عظم الآخر بقدر ما دخلناها من أجل المتعة، متعة الجميع التي أفقها هو إعادة الحيوية لخلايا الجسد والفرحة والانتشاء التي نشعرها بعد الانتهاء من اللعب.حينما تربط أهدافك مع أهداف الآخرين، حينما تشعر أنك حصلت على المتعة في حالة النصر أو الهزيمة، حين تشعر أن من يلعبون معك هم إخوتك في الحصول على متعة لحظات أو ساعات اللعب؛ وقتها لن تفكر في الفوز أو الهزيمة بقدر ما يكون تفكيرك منصباً على المتعة التي حصلت عليها.لن تكون اللعبة ممتعة إلا إذا انتصر فيها الجميع.لا وجود لنصر كامل.. لا وجود لهزيمة تامة.. واشكر الله على كل النعم التي أنعم بها عليك في كل الأوقات وفي كل الأحوال.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90