من المسرحيات الكويتية الشهيرة مسرحية (مجنون سوسو)، التي قام ببطولتها الراحل الفنان محمد السريّع والفنانة هيفاء عادل، وكانت تناقش موضوع عدم التكافؤ بين الزوج المتقدم في السن والزوجة اللبنانية الشابة الجميلة وما ينتج عن ذلك من غيرة تصل إلى حد أن يقع الزوج في الوسواس والشك في كل من يقترب من باب الشقة التي خصصها للزوجة الشابة.
من ذلك أنه يقول لزوجته إنه قبل أيام لاحظ راعي البرادة يقف بالقرب من باب الشقة، وأنه عندما سأله عن سبب تواجده، أجاب أنه يجمع زجاجات المرطبات الفارغة.. يقول السريع بلهجته (يقول يلقط ابطول.. عاد علي آنه يلقط ابطول؟)!
هذا المبرر غير المقبول من شخص تواجد في مكان ما كان ينبغي أن يتواجد فيه في وقت محدد، هو نفسه الذي قدمته إيران في محاولة منها لإقناع العالم عن سبب تواجد مجموعة كبيرة من رعاياها في سوريا في وقت هي مشتعلة فيه والناس يرحلون منها، فتبرير إيران أن أولئك جاؤوا لزيارة بعض العتبات المقدسة في سوريا يشبه تبرير راعي البرادة الذي كان “يحوس” عند الشقة التي تضم الشابة الجميلة زوجة الشايب، وكأن إيران تريد أن تضحك على العالم وتقول له ببساطة إن هؤلاء إنما كانوا “يلقطون أبطول”!
واضح أن إيران تعتقد أن الناس يعانون من ضعف في قدراتهم العقلية فتقدم لهم مثل ذلك المبرر الذي لا يمكن أن يجد قبولاً إلا لدى ناقصي العقل، فالقول إن الإيرانيين كانوا حجاجاً قصدوا زيارة العتبات المقدسة في سوريا في الفترة التي يهاجر فيها الناس إلى الخارج لينفذوا بجلودهم، قول لا يمكن أن يحظى بالقبول أبداً. نعم لو كانوا متواجدين من قبل وقامت الحرب وسعوا إلى الخروج ولكنهم تعرضوا للاختطاف، ومن ثم قيل إنهم جاؤوا لزيارة العتبات المقدسة كان يمكن تصديقهم، لكن أن يأتوا من إيران في وقت يغادر فيه أهل البلد بلادهم لينجوا بأنفسهم فلا معنى له سوى أنهم جاؤوا ليفعلوا شيئاً ما لا تجرؤ إيران على الإعلان عنه.
قبل نحو ثلاث سنوات زرت سوريا ضمن وفد صحافي بحريني، ولفت انتباهي أن الإيرانيين هم الذين كانوا يديرون العتبات المقدسة مثل السيدة زينب والسيدة رقية بنت الحسين، وكان تواجد الزائرين الإيرانيين بارزاً حتى ليشعر المرء أنه في إيران وليس في سوريا. في ذلك الوقت كان تواجد الإيرانيين مقبولاً وكان القول إنهم إنما جاؤوا لزيارة العتبات المقدسة سهلاً، حتى وإن كانوا يقومون بمهام أخرى، لكن في فترة تعاني فيها سوريا من غياب الأمن وتحولت فيه من بلاد جاذبة إلى بلاد طاردة فلا يمكن أبداً قبول مثل ذلك المبرر الواهي، ففي فترة الاضطرابات لا يدخل البلد إلا من يريد المشاركة في تلك الاضطرابات.
وجود الإيرانيين في مثل هذا الظرف في سوريا ليس له سوى معنى واحد هو أنهم جاؤوا للقيام بمهمات محددة ولمد يد العون، تنفيذاً ربما لاتفاقيات سرية بين إيران وسوريا، أي أنهم جاؤوا ليقوموا بما يسهم في حماية نظام الأسد، وهذا يعني أنهم عسكريون وليسوا مدنيين أو من الحريصين على زيارة العتبات المقدسة.. وأنهم لم يأتوا كي “يلقطون ابطول”!
أمر آخر ينبغي الالتفات إليه هو أن التحرك الدبلوماسي الإيراني المكثف جاء مباشرة بعد اختطاف أو حجز أولئك “الحجيج”، وهذا يعني أنه لولا أن إيران وجدت نفسها في موقف صعب وأنها على وشك فضيحة كبرى لما أعطت الموضوع كل هذا الاهتمام.
مشكلة إيران أنها سبق أن قدمت مبررات واهية في ظروف مشابهة، وبالتالي صار من الصعب تصديقها، فالكل يعلم عن مساندتها لسوريا.