كانت المملكة العربية السعودية ولا تزال هدفاً رئيساً للمخطط الإيراني، باعتبارها حاضنة الحرمين الشريفين وأكبر دولة خليجية ولاعباً أسياسياً في السياسة الإقليمية والدولية، ما جعلها تشكل عقبة رئيسة في وجه المخطط الإيراني، وهذا ما جعلها عرضة للكثير من المؤامرات والاعتداءات الإيرانية.كانت المرة الأولى التي قطعت فيها السعودية علاقاتها بإيران عندما قامت الدولة القاجارية باحتلال الأحواز وأسر الأمير خزعل الكعبي عام 1925، الذي كانت تربطه علاقة قوية بالملك عبدالعزيز بن سعود، وبوفاة الأخير وتغيير الأوضاع السياسية في إيران عادت العلاقة طبيعية بين البلدين وأصبحت جيدة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، واستمرت هكذا حتى سقوط الشاه وانتصار الثورة، وأعلن النظام الجديد تصدير الثورة إلى العالم العربي وبدأ شن الحملات الإعلامية الإيرانية على المملكة العربية السعودية، ثم دخلت مرحلة الاعتداءات الإيرانية الفعلية والتي كان من بينها قيام طائرات حربية إيرانية باختراق الأجواء السعودية لاستهداف منشآت نفطية، وأعلنت السعودية في 5 يونيو 1984 أن طائراتها إف 15 اعترضت طائرات إف-4 فانتوم إيرانية وأسقطت إحداها فوق مياه الخليج بعد أن اخترقت الأجواء السعودية، وبعد يومين من الحادثة فجرت قنبلة في مبنى السفارة السعودية في بيروت، ثم أعقبها اختطاف القنصل السعودي في بيروت أيضاً. وتعرضت السفارات السعودية في قارتي آسيا وأفريقيا إلى اعتداءات كان من بينها 12 حالة اعتداء وقعت في الثمانينيات من القرن الماضي، منها 4 حالات في عام 1990، وكانت بيروت وطهران وكراتشي من أبرز العواصم التي تكررت فيها الاعتداءات.وبعد أحداث موسم حج عام 1407هـ (1987) التي قام بها الإيرانيون في مكة المكرمة وخلفت المئات من القتلى، هاجمت مجموعة كبيرة من الإيرانيين مقر سفارة المملكة في طهران واحتلتها واحتجزت الدبلوماسيين بداخلها، ثم وقع اعتداء عليهم من قبل بعض المجموعات، وكان القنصل السعودي في طهران رضا عبدالمحسن النزهة من بين الذين تعرضوا للاعتداء بالضرب أثناء قدومه من دبي إلى طهران، وقد أدى الاعتداء إلى إصابته بشرخ في القرنية بعد تهشم نظارته، ما استدعى إخضاعه بقرار من الأطباء لعملية جراحية، بيد أن رجال الحرس الثوري أخرجوه من المستشفى قبل العملية بساعة واحدة وساقوه إلى السجن ليحتجز بعد ذلك في السجن لمدة أربع وعشرين ساعة، ثم أطلق سراحه بعد مفاوضات بين المملكة وإيران. وقد توفي أحد الدبلوماسيين السعوديين بعد نقله إلى المملكة متأثراً بإصابته. وتم إغلاق السفارة السعودية في طهران بواسطة الحرس الثوري بعد أن أزيل العلم السعودي ورُفع العلم الإيراني بدلاً منه. ولم تبد الخارجية الإيراني أي اعتذار عن ذلك الاعتداء الدامي والمنافي لأصول العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.وكان آخر اعتداء تعرضت له البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران في مارس2011، حيث هاجم نحو 700 شخص بالحجارة القنصلية السعودية في مشهد، شمال غربي إيران. إن الاعتداءات الإيرانية على السعودية وتدخلها في الشأن الداخلي للمملكة كثيرة جداً، وليس أقلها تحريك الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة خلال السنوات الثلاثين الماضية ووقوفها وراء التفجيرات التي حدثت في مكة المكرمة وتفجيرات الخبر ودفع التمرد الحوثي في اليمن لشن هجمات على الأراضي السعودية، وغيرها من الاعتداءات الأخرى. كما لا يمكن إغفال خطورة التهديدات الإيرانية ضد السعودية عقب اكتشاف مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، فقد هدد عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيراني محمد كريم عابدي “إن في وسع إيران، متى ما عزمت، أن تسلب الأمن من النظام في السعودية”، وأضاف “يجب على المسؤولين السعوديين تحمل ضريبة الاتهامات التي ساقوها لإيران، وأن القوات العسكرية الإيرانية قادرة، في حال عزمت طهران على اتخاذ أي خطوة ضد السعودية، على احتلال أراضي المملكة بكل يسر”. وفي الإطار نفسه أيضاً هدد رئيس مقر عمار الاستراتيجي للتبليغ الثقافي والسياسي التابع للحرس الثوري الإيراني، رجل الدين المتطرف مهدي طائب قائلاً: “نحن لسنا بحاجة إلى اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وإذا كنا بحاجة إلى اغتيال شخص ما فإننا نمتلك مقومات اغتيال قادة سعوديين”.هذه الاعتداءات والتهديدات ما هي إلا حلقات في سلسلة طويلة من الاعتداءات الإيرانية المتواصلة ضد دول مجلس التعاون الخليجي عامة، والتي كان لوزارة الخارجية الإيرانية دور في دعمها، سواء من حيث تحديد الأماكن المستهدفة أو تقديم الدعم المعلوماتي واللوجستي وتأمين هروب أو إخفاء منفذي هذه الهجمات، والشواهد على ذلك كثيرة؛ ومنها على سبيل المثال تهريب بعض المشتركين في الهجمات الإرهابية التي استهدفت الكويت في الثمانينيات، حيث جرى تهريب عدد منهم إلى إيران، وكان بينهم شخص يدعى هشام الصيمري، عراقي الجنسية، تم تصفيته في الأحواز عام 2007م حيث كان يعمل إماماً لمسجد الزهراء في المدينة