يقال “ضوعة الطيوب”، الضوعة هي انتشار الرائحة وتفتحها، والطيوب جمع الطِيب وهي العطور. يجدها محبو فيروز في أغنيتها التي تقول كلماتها “لا تسألوني ما اسمه حبيبي.. أخشى عليكم ضوعة الطيوب”. لكن الحديث هنا ليس عن فيروز وحبيبها وطيوبها، لكنه عن ضوعة الوطنية التي يمكن لزائر مجلس الشيخ عبدالحسين بن الشيخ خلف آل عصفور أن يلمسها لمساً، ولو أن هذه الضوعة مليئة بالضرورة بالطيوب.. وبالمحبة التي تجسدت بوضوح أكبر ليلة الخامس من رمضان ساعة أن تفضل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بزيارة ذلك المجلس الذي تعوّد أهل البحرين على اختلاف مشاربهم زيارته دون أن تعيقهم طرقات العدلية التي كانت واسعة ذات يوم، ثم صارت كـ«الدواعيس” بسبب امتلائها بالسيارات.. ومن دون أن يعيقهم ما علق بالنفوس من ضيق بسبب ما جرى على البلاد والعباد منذ تحرك شيطان فبراير. لم أتواجد لحظة وصول صاحب السمو مجلس الشيخ العصفور، لكن من عبر عن انطباعاته من الحاضرين عن تلك الزيارة لاحقاً تبين معه مقدار الحب الذي ظل يضوع في المكان، وكان سبباً في فرحة غمرت النفوس. أحد أبناء الشيخ العصفور قال لي إن المحبة تجسدت في أبهى صورها، وإن صاحب السمو تحدث مع الجميع بعد أن صافحهم وأظهر تقديراً واضحاً لعلماء الدين ولكل من كان حاضراً في المجلس، وإن سموه قال إن ما مرّت به البلاد سيخرجنا أقوى مما كنا عليه وأكثر حميمية وغيرة على مكتسبات الوطن. حسب الحاضرين ملأ صاحب السمو المكان محبة وأحس الجميع بدفء افتقدوه فترة من الزمن بسبب ما تكالب على البلاد وأهلها من أحداث غريبة عليها لا تستحقها، فالمحبة هي التي تجمع أهل البحرين، المحبة هي نبراسهم جميعاً وعنوانهم الذي لا يمكن أن يستبدل بالآخر الذي يحاول اليوم بشتى الطرق أن يوجد له مكاناً بين هذا الشعب الجميل. ما يجمع أهل البحرين لا يمكن أن يؤثر فيه ما يحدث اليوم بسبب تأثيرات المنطقة وتأثيرات ما سمي بالربيع العربي، فالناس في البحرين غير وإن حدث ما حدث، وهذا سر عجيب يصعب تفسيره وفهمه. زيارة واحدة يتم تبادلها بين أفراد هذا الشعب من شأنها أن تغسل الكثير من الشوائب التي علقت بالنفوس، وهذا بالضبط هو ما يحدث أثناء الزيارات التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان في ليالي شهر رمضان المبارك، ولعل كل من تابع هذه الزيارات الرمضانية تمنى لو أنها لا تنقطع مع انتهاء الشهر الكريم، فلهذه الزيارات تأثير غير عادي، وهي إضافة إلى ما تمت الإشارة إليه من صفات هذا الشعب ولفظه لكل ما يمكن أن يسيء إلى العلاقة بين أفراده فإن ما يتسم به صاحب السمو من صفات وما يمتلكه من قلب كبير مليء بالمحبة من شأنه أن يؤدي إلى أن يرمي الجميع ما حصل من أمور غريبة عجيبة منذ اندلاع ذلك الشيطان “الفبرايري” وراء ظهورهم وبدء صفحة جديدة مليئة بالحب الذي يضوع طيباً.. ووطنية. لعلّي أجزم أن من تواجد في تلك الليلة في مجلس الشيخ العصفور شعر أن ما دخل على هذا الشعب غير صعب الخروج منه، وأن ما يجمع بين أهل البحرين كثير لا يمكن لقليل طارئ أن يؤثر فيه ويشتت شملهم. بالتأكيد ليس مجلس الشيخ عبدالحسين العصفور هو الوحيد الذي يمكن للمرء أن يتبين فيه ما يجمع بين أهل البحرين من محبة وتضوع فيه الوطنية، لكنه مثال أكثر وضوحاً ليلة تمت زيارة صاحب السمو ولي العهد إليه.