يكاد النصف الأول من شهر رمضان المبارك أن ينتهي، وسيدخل المؤمنون في يومين على النصف الثاني الذي سينتهي بدوره سريعاً، لكن أحداً من المعنيين بما يدور في الساحة المحلية من أحداث لم يستجب بعد للدعوات الكثيرة والمتكررة الرامية إلى الاستفادة من روحانية هذا الشهر الكريم في التصافي وتغليب مصلحة الوطن وإبعاده عن هذا الذي يراد له ويكاد أن يكون مكشوفاً.
ما هو حاصل الآن أنه كلما اقترب هذا الشعب الجميل من الباب الذي يمكن أن يوصله إلى بر الأمان انبرت أصوات تطالب بأمور تتسبب في تعقيد المشكلة، ومن ثم تضييع الطريق نحو الباب لينغلق ولتعود الأمور وكأننا في البدايات ولكن بشكل أكثر قبحاً.
ليست الحكومة هي من تفعل ذلك، وليس الناس، هذا يعني أن هناك أطرافاً تريد لمشكلة البحرين أن تتفاقم لتصل إلى نقطة اللاعودة فتطل البلاد على المجهول الذي يمكن أن يكون أي شيء، لكنه بالتأكيد ليس الذي تستحقه البحرين. هذا يعني أنه ينبغي من الجميع الانتباه جيداً لما يدور من حولنا. لم تعد مشكلتنا مشكلة محلية صرفة، وبعد قليل لن يكون الحل بأيدينا، فهل من وقفة تؤدي إلى إنقاذ هذا الوطن وهذا الشعب قبل أن ينتصفا؟
ليست عيناً لم تصل على النبي ما حاق بهذه البلاد، وليست مجرد “نحاسة” اتصف بها هذا الطرف أو غيره، لكن هناك ما هو أكبر وأعمق وأخطر ما يستدعي من الجميع التوقف لحظة لالتقاط الأنفاس والنظر والتساؤل على الأقل عن هذا الذي يجري لنا ومن حولنا؛ أسبابه وظروفه والنتائج المتوقعة.
السير في طريقين متوازيين لن يوصل البحرين إلا إلى المجهول، فلابد من أن يلتقي الطرفان الأساسان المعنيان بمصلحة هذا الوطن العزيز، لابد من لقاء تكاشف وتصارح يتم من خلاله استيضاح الأمر ومعرفة ما يجري والاتفاق على أساسات إن لم تؤد إلى الوصول إلى حل فعلى الأقل تكفينا شر أمور أخرى.
ليس الكلام كلام عواطف؛ لكنه واقع ينبغي التعامل معه بحرص ومفهومية، وبحكمة ظل العالم طويلاً يحسدنا عليها. ليس مهماً من يدعو إلى الحوار أو يدخل غرفته أولاً، وليس مهماً من يبدأ الكلام، الأهم هو أن يتم مثل هذا اللقاء وأن يكون بداية للقاءات متتالية عنوانها المحافظة على هذا الوطن الذي ينبغي ألا نقبل بتقسيمه بأي طريقة كانت، فالبحرين وطن لا يقبل القسمة على اثنين أبداً.
كنت قد كتبت قبل أيام رأياً ملخصه أن “المعارضة” تخشى إن توقفت عن المسيرات وحرق الإطارات في الشوارع وإلقاء زجاجات المولوتوف على رجال الأمن أن تتعثر مسيرتها ويفلت الأمر من يدها وتنتهي القصة كلها، ولا يبقى أمامها سوى الإعلان عن هزيمتها. هذا الكلام الذي ردده آخرون أيضاً رد عليه البعض عبر السوسة الإيرانية رداً ملخصه أن هذا الحراك تريده “المعارضة” ليعينها على أي حوار مقبل مع السلطة، فهؤلاء يريدون للشباب أن يستمروا في تحركهم وأعمالهم غير المقبولة ليشكلوا ضغطاً على السلطة فيكونوا ورقة تستفيد منها “المعارضة” في أي لقاء يرمي إلى التفاهم.
ورغم أن هذا أمر متاح في العمل السياسي ولا يدخل في باب الأنانية، غير أنه يوحي بأن “المعارضة” لا يهمها إن خسر الشباب أرواحهم أو تعرضوا للمصاعب، فالأهم أن تحقق هي المكاسب وتدخل أي حوار أو مفاوضات بشعور القوي الذي يمكنه التلويح بعدم التوقف عن الذي يجري في الشارع. هو كعمل سياسي ليس خطأ لكنه في حالة البحرين يعتبر جريمة لابد أن تحاسب عليها “المعارضة” لأنها لن تعين إلا على الانتصاف.
{{ article.visit_count }}