يمثِّل شهر رمضان المبارك، الذي أُنزل فيه القرآن، هذا الشهر العظيم بأجوائه الإيمانيّة، وروحانيّاته الخالدة، فرصةً ثمينةً للتواصل والعطاء، وجَسْر الهوّة بين أفراد الأمة، وترقيق القلوب، وتربية التسامح، فالليالي الرمضانية البحرينية، بأجوائها الحميمية المفعمة بالمحبة والمودة والتراحم الأسري والمجتمعي هي المعنيّة بتقريب المسافات بين الناس، وتذويب الجليد ولم الشمل الشعبي.
إن المجالس الرمضانية تشكِّل بمثابة المختبر الميداني الذي يتم فيه جسّ نبض الشارع البحريني، وفحص مدى اقتراب مدركات الناس ومشاعرهم من بعضهم البعض، ومدى تفاعلهم مع الأحداث الجارية، ورؤيتهم لمستقبل البلاد، ودورهم في بناء الغد الأجمل للأجيال الصاعدة.
والمواظب على حضور المجالس الرمضانية يمكن أن يلحظ مدى العفوية التي تسود الحوارات الدائرة بين الزائرين والمهنئين بقدوم الشهر الفضيل، فليس هناك موضوع محدّد مطروح للمداولة العامة، ولا توجد “إدارة” توجِّه دفة الحوار، أو تعطي الكلمة لهذا المتحدث قبل ذاك، بل يبدو للوهلة الأولى وكأن الحوارات الجماعية المشتركة تنتظم تلقائياً في نسقِ رائعٍ، فلا تجد شخصاً يقاطع الآخر بحدِّة أو انفعالٍ، بل تشعر وكأنك جالس في بيتك الوديع، بين أحبّتك ومريديك، فتستطيع إن شئت أن تدير حواراً ثنائياً هامساً مع الشخص الجالس بجوارك، لتجد فيما بعد أن الشخص القابع على بعد أمتارٍ قليلة منكما قد التقط خيط الحديث، وانسجم بكل أدبٍ مع الموضوع التي أثرتُماه، وتدخّل بكل لباقةٍ ليدلي بدلوه فيه، ويسعى لإثرائه بأفكاره، وربما يبتغي أن يطلعكما على المسائل التي غابت عن ذهنيكما، وهكذا تتسع دائرة الحوار لتشمل جميع الحاضرين الذين يتلهفون للاستماع لمن يطرح موضوعاً أو قضيةً تلامس همومهم، وتدغدغ عواطفهم، فتراهم يتطارحون فيه، كل بحسب زاوية رؤيته، دون أن يميل أيّ منهم لفرض أفكاره أو وجهة نظره على الآخرين، بل بالعكس، فقد حضر المجلس كي يتعلّم منهم، ويكتسب المعرفة والخبرة، ويمتلك مهارات التواصل والتفاعل رويداً رويداً، وذلك لعمري أحد أهم ثمار اللقاءات المحمودة، فرمضان الخير هو شهر التقارب الفكري والروحي بين المسلمين في بقاع العالم كافةً
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90