أثبتت الأيام الماضية بأن كثيراً من المخلصين من أبناء هذا البلد يحتاجون إلى “فحص نظر” بصورة عاجلة، حتى يتمكنوا من الرؤية بشكل أفضل، خاصة وأنهم متهمون اليوم بأنهم “ما يشوفون إللي يشوفونه” المعنيين بإدارة الأزمة.
ما حصل منذ البداية هي عملية اختطاف للدولة ومحاولة صريحة لإسقاط النظام، لكن بحسب ما نراه يحصل اليوم، يتضح أننا “شفنا” أشياء مختلقة ووهمية وغير صحيحة؛ فشعار إسقاط النظام “شافه” المعنيون على أنه “إصلاح النظام”، وهو ما تروج له الجماعات الانقلابية، وخيانات البعض وانقلابهم يتضح اليوم بأنه موقف وطني بحت، والدليل أن الخائن يعز ويكرم ويركض باتجاهه بينما المخلص منسي ومهمل ويتم تجنبه.
نعم، يحتاج المخلصون لفحص نظر سريع، فاللافتة التي كانت على منصة الدوار وكان مكتوب عليها “باقون حتى إسقاط النظام” وتحتها وقف قياديو الإنقلاب متشابكي الأيادي، كانت أصلاً تحمل شعار “باقون حتى إصلاح النظام”، لكنكم “الله يهديكم” لم تمعنوا النظر.
من قاموا بدهس الشرطي بالسيارة، ومروا على جسده ذهاباً وعودة، والفيديو الذي وثق العملية، الناس فهموا الموضوع غلط، والعتب على النظر، فأنتم “شفتوا” شيئاً غير الذي “شافه” المعنيون، وعلى ما يبدو بأن الشرطي هو الذي رمى نفسه معترضاً السيارة ومن كان يسوقها كان يحاول تفاديه، لكنه -أي الشرطي رحمه الله- أبى إلا أن يرمي نفسه كل مرة أمام السيارة، وهو -على ما يبدو- جعل القضاء يؤجل ويؤجل إصدار الحكم النهائي فيمن قتله.
من قال للمواطنين وقادة البلد “ارحلوا” ورفع الشعارات ومارس كل صور التسقيط وشوه صورة دولته في الخارج “شفتوه” بنظرة خاطئة، هؤلاء مصلحون وكانوا أصلاً يرفعون شعارات محبة وإصلاح ويقدمون الورود ويطلقون صرخات الوحدة والتعايش السلمي والولاء للرموز، لكنكم يا مخلصون “تشوفون” و«تسمعون” على هواكم.
حتى السفراء الأصدقاء المخلصين للبلد ظلمتموهم، لأنكم “ما تشوفون صح”، فمن قال إن السفير الأمريكي يتدخل في شؤوننا الداخلية، ومن قال بأن وثائق “الويكيليكس” تنشر الحقائق، ومن قال أصلاً بأن هناك أطرافاً خارجية تتدخل في البحرين؟! أنتم تظلمون السفراء الأصدقاء لأنكم ما “تشوفون إللي يشوفه” المعنيون بإدارة العلاقة مع السفراء. هم “يشوفون” السفراء يقومون بممارسات عادية ليست تدخلاً في شؤوننا الداخلية، ولو أنهم تدخلوا فـ«الويل والثبور” لهم بحسب الأعراف الدبلوماسية. الله يهديكم “تشوفون” أشياء لا صحة لها، السفراء ذهبوا للجمعية الانقلابية (أقصد الوطنية)، ليقدموا التهنئة برمضان ويشيدوا بالمواقف الأصيلة الساعية لإصلاح النظام.
الكلام كثير، وحالات “ضعف النظر” عديدة، وأجزم بأن كثيراً من المخلصين اكتشفوها مؤخراً، وفهموا بأن كثيراً من الأمور تدار اليوم لأن المعنيين -ونحمد الله على ذلك- لم “يشوفوا” ما “شفتموه” أنتم، وإلا لكنا في وضع حرج، خاصة حينما “شفتم” ممارسات فئات وشخصيات على أنها “خيانات”، في حين لو كانت لديكم “قوة النظر” لرأيتم كيف “تقطر” الوطنية والإخلاص منهم مثل “قطرات الندى”.
بصراحة، كثير من المخلصين “ما يشوفون” صح، وهذه هي المشكلة التي تقف عائقاً أمام حلحلة الوضع اليوم. نعم أنتم السبب يا مخلصون لهذا الوطن وقيادته، أنتم سبب التأزيم، وأنتم من “يعيق” عملية إعادة اللحمة ورأب الصدع!
سأتوقف عند هذا الحد، إذ يكفي ما طال صيامنا من تجريح بسبب القول أعلاه النابع من أسف على ممارسات باتت “تكسر” عزم المخلصين، والله صدق رسولنا الكريم صلوات الله عليه حينما قال في الحديث الشريف: “سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ, وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ, وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ”.
لا نقول غير: “حسبي الله ونعم الوكيل”.