استطراداً لمقالاتنا السابقة عن “نظرية الحاجة المفقودة”، نوِّد التأكيد هنا على أن توالد الحاجات الضائعة، والمطلوبة بإلحاح لدى الفرد في هذه اللحظة الزمنيّة أو تلك، مرتبط أيضاً بمدى تزامنها، وهو المبدأ الرابع للنظرية. فقد يحتاج الموظّف مثلاً للسفر لفترةٍ وجيزةٍ طلباً للراحة المفتقدة في ميدان العمل، ويؤجِّل هذا المشروع لأجلٍ غير مسمّى لعدم توفّر السيولة المالية الكافية لتغطية نفقات الرحلة، لكنه قد يتشجّع مرة أخرى لتنفيذ هذه الخطة إذا ما أُتيحت له مثلاً الفرصة لحضور إحدى الفعاليّات المهمة ذات العلاقة بتعزيز مهاراته الوظيفية، وفي هذه الحالة تكون حاجته المفقودة للراحة قد تقاطعت بشدّة مع الحاجة للتنمية المهنية المنشودة منذ أمدٍ بعيدٍ، ومع ما يجعل تنفيذ الحاجتيّن المذكورتيّن أمراً ملِّحاً، وفي ذات الوقت مصحوباً بالمتعة والفائدة.
وقد يكون الطالب مثلاً في أشدّ الحاجة لتقدير الذات، وتحسين الصورة أو الطريقة التي ينظر بها إلى نفسه، وتعديل تصوّراته المغلوطة عن قدراته وإمكاناته، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون فوزه بالمرتبة الأولى في مسابقة علمية بالمدرسة ليس فقط دافعاً لإعادة تقييمه لذاته، وإنما قد يلبِّي أيضاً حاجةً أخرى لديه طمسها ضعف تقديره لذاته، وهي حاجته للتفاؤل بالحياة، والنظرة إليها بصورةٍ إيجابيةٍ، وتجاوز العثرات التي تضعها في طريقه الشاق نحو النجاح بشجاعةٍ نادرةٍ. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحاجة الأساسية المفقودة لدى الطالب المذكور في هذا المثال الملموس قد تزامنت مع حاجةٍ أساسيةٍ أخرى كانت أكثر إلحاحاً في الأصل، لكنها لم ترق بعد إلى مستوى إدراكه الحسِّي والمعنوي، وهذا يعني أن سعيْ الإنسان لتلبية حاجاته المفقودة لا يستحثّه فقط على العمل المضني نحو تحقيقها بكل السُبُل الممكنة، ولكنه أيضاً يحمله على إدراك تلك الحاجات، وترتيبها بحسب الأولوية، وذلك هو المبدأ الخامس للنظرية قيد التأسيس.
إن عدم أو ضعف إدراك الفرد لحاجاته الأساسية المفقودة قد يؤدي به إلى عواقب وخيمة، فرفضه الاعتراف بوجود حاجة أساسية ما هو في أشّد الرغبة لاستيفائها اليوم قبل الغد، مدفوعاً بمحاولة “تزيين” حياته أمام الذات والآخرين، وارتداء حلّة “الإنسان الناجح”، والمنتصر دوماً، قد يجعله يضحِّي لاحقاً بحاجاتٍ أساسيةٍ لا يستطيع الاستغناء عنها، كالحاجة إلى الأمن والحب والتقدير، وهي الحاجات الإنسانية المسردة في هرم عالم التحليل النفسي إبراهام ماسلو
{{ article.visit_count }}
وقد يكون الطالب مثلاً في أشدّ الحاجة لتقدير الذات، وتحسين الصورة أو الطريقة التي ينظر بها إلى نفسه، وتعديل تصوّراته المغلوطة عن قدراته وإمكاناته، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون فوزه بالمرتبة الأولى في مسابقة علمية بالمدرسة ليس فقط دافعاً لإعادة تقييمه لذاته، وإنما قد يلبِّي أيضاً حاجةً أخرى لديه طمسها ضعف تقديره لذاته، وهي حاجته للتفاؤل بالحياة، والنظرة إليها بصورةٍ إيجابيةٍ، وتجاوز العثرات التي تضعها في طريقه الشاق نحو النجاح بشجاعةٍ نادرةٍ. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحاجة الأساسية المفقودة لدى الطالب المذكور في هذا المثال الملموس قد تزامنت مع حاجةٍ أساسيةٍ أخرى كانت أكثر إلحاحاً في الأصل، لكنها لم ترق بعد إلى مستوى إدراكه الحسِّي والمعنوي، وهذا يعني أن سعيْ الإنسان لتلبية حاجاته المفقودة لا يستحثّه فقط على العمل المضني نحو تحقيقها بكل السُبُل الممكنة، ولكنه أيضاً يحمله على إدراك تلك الحاجات، وترتيبها بحسب الأولوية، وذلك هو المبدأ الخامس للنظرية قيد التأسيس.
إن عدم أو ضعف إدراك الفرد لحاجاته الأساسية المفقودة قد يؤدي به إلى عواقب وخيمة، فرفضه الاعتراف بوجود حاجة أساسية ما هو في أشّد الرغبة لاستيفائها اليوم قبل الغد، مدفوعاً بمحاولة “تزيين” حياته أمام الذات والآخرين، وارتداء حلّة “الإنسان الناجح”، والمنتصر دوماً، قد يجعله يضحِّي لاحقاً بحاجاتٍ أساسيةٍ لا يستطيع الاستغناء عنها، كالحاجة إلى الأمن والحب والتقدير، وهي الحاجات الإنسانية المسردة في هرم عالم التحليل النفسي إبراهام ماسلو