“التدويل” مصطلح جديد للاحتلال، ووصف جديد للاستعمار، “التدويل” هي الكلمة التي استبدلت بها القوى العظمى كلمة “احتلال”، وكلمة “استعمار”، فتلك كلمتان مرتبطتان بتاريخ قبيح أسود وسمعتهما سيئة. لذلك تم استبدال الكلمتين بمصطلح جديد يختلف بالاسم لكنه يقودنا لنفس الحالة، وهي حالة تتحكم فيها جهة أجنبية في قرار ومصير الشعوب. هذا ما تسعى له الآن “الوفاق” بأذرعها “الحقوقية والعمالية والمهنية”، هم الآن يرابطون عند أحذية المنظمات يتمسحون بها، فبعد أن كشفت خدعة “المجازر والجثث الملقاة على الطرقات التي كذب بها أطباء “الوفاق”“، وباءت محاولة التدخل العسكري الأجنبي في البحرين بالفشل، انتقلت “الوفاق” إلى الخطة الثانية وهي محاولة التدخل السياسي الأجنبي في البحرين من خلال “تدويل” القضية لدى الأنظمة والحكومات الأجنبية، فاستماتوا في زيارات متكررة لدوائر القرار في الدول الغربية، يستنجدونها، ويتمسحون في أحذيتها، ويلعقون ترابها، لربما تتعطف عليهم وتحتل بلادهم، وهذه المحاولة هي الأخرى باءت بالفشل، بعد أن انكشف كذبها وافتراؤها كحركة سلمية، وبعد أن شهد سفراء تلك الدول التي استنجدت بهم إرهابها وعنفها وتعنتها.بقيت ورقة أخيرة للتدويل، وبقي مفتاح واحد في يد خونة الوطن، وهو مفتاح المنظمات الدولية، ذلك هو المفتاح الأخير الذي يسعون من خلاله إلى تدويل قضية البحرين، أي إلى استجداء احتلال واستعمار البحرين من قبل قرار أجنبي غير وطني، محاولتهم الأخيرة هي أن تصدر تلك المنظمات قراراً يقود إلى وضع البحرين تحت الوصاية، من خلال مكتب دائم للمفوضية، أو من خلال نقل القضية لمجلس الأمن، أو أي قرار يضع البحرين تحت رحمة التدخل الأجنبي سياسياً أو حتى ربما عسكرياً.أذرع “الوفاق” التكنوقراطية المدنية الآن تتعلق بهذه القشة، لذلك يعتبر شهر سبتمبر بالنسبة لهم الفرصة الأخيرة، ففيه ستعقد جلسة حقوق الإنسان، وفيه تعقد منظمة العمل جلستها.من أجل هذا الشهر حشدت الحشود، وكانت هناك رحلات مكوكية إلى لبنان وإلى لندن لجمع الأصوات، ولتكوين تحالفات تناصرهم في الجلسات وقت التصويت.شعب البحرين بإمكانه حرق هذه الورقة بسهولة، مثلما حرق الأوراق الأخرى، وذلك من خلال كشف كذبهم وافترائهم وإظهار الحقيقة، لو أن الجهود الأهلية تتضافر، لعرض ضحايا هذه الحركة الإرهابية، وكشف خيانتها وكذبها وزيفها، لكن مشكلة هؤلاء الضحايا أنهم ضاعوا وليس لهم نصير، أو من يتبنى قضيتهم، فالسلطة اهتمت بتنفيذ التوصيات الخاصة بها كنظام سياسي، وتركت هؤلاء الضحايا بلا راع، وبلا جهة تتبنى عرض قضيتهم.فهناك قتلى وجرحى وأناس أصيبوا بعاهات، وهناك أصحاب خسائر مالية وإفلاس، وهناك نساء وأطفال تم استغلالهم، والتضحية بهم، وهناك العديد من ضحايا الإرهاب الذين “ضاعوا” بين الاثنين “الدولة و«الوفاق”، كان المفروض أن تحشد الجهود الأهلية والرسمية لجمعهم، وأرشفت قضاياهم، والاهتمام بهم وتعويضهم أولاً، ومن ثم توظيف ورقتهم توظيفاً جيداً، يكشف زيف ادعاءات وكذب هؤلاء الذين يتملقون المنظمات الدولية، من أجل تدويل قضية البحرين وفتح الباب للتدخل الأجنبي.بعض الهيئات والمؤسسات الأهلية الآن تحاول جمع ملفات هؤلاء الضحايا ومساعدتهم، إنما بجهود بسيطة ومتواضعة مادياً ولوجستياً، ومعظمها جهود جديدة على الساحة الحقوقية، بل حتى جديدة على العمل بالشأن العام، لكنها جهود تعمل بإخلاص وتفانٍ، يشكرون عليه، لم يكلوا ولم يملوا منذ عام ونصف، رغم ضعف الإمكانات وضعف الدعم الرسمي، لا يملكون إمكانات “الوفاق” المالية، فلا خمس يدفع لهم، ولا دعم أجنبي يقدم لهم، ولم تدربهم “الامنستي”، ولم تدر عنهم “الميبي”، اتكلوا على الله، وبدأوا يجمعون شتاتهم.وفي حين انشغلت الدولة بإثبات حسن نواياها للمنظمات، وبأنها نفذت التوصيات الخاصة بهم، ظل الضحايا يطرقون الأبواب بحثاً عن مغيث.. رغم أنه لدينا هيئة وطنية لحقوق الإنسان، ولدينا وزارة لشؤون حقوق الإنسان، وهي هيئات رسمية، يفترض أن تتفرغ لمساعدة هؤلاء، لكن وزيرها يقول إن كل مهمته هي جمع تقارير الوزارات الأخرى، ووضعها في ملف واحد، وتقديمها.. “سؤال.. ليش سكروا البريد الحكومي؟”.ضحايا الإرهاب بحاجة لتأسيس جمعية تضمهم، وتعمل على استرداد حقوقهم المهدورة، ومحاسبة الدولة إن قصرت في القصاص من المجرمين، وتمنعها من المساومة على حقوقهم، وفي نفس الوقت تحمل قضيتهم وتعرضها في المحافل الدولية، لا لتدويل قضيتهم، بل لكشف الخيانة والكذب الذي يمارسه الخونة الإرهابيون، الذين تسببوا في تلك الخسائر للأرواح والممتلكات، ودفاعاً عن وطنهم وحماية له من الاحتلال والاستعمار باسم “التدويل”.بلغت صفاقة الخونة أنهم ينكرون حتى وجود ضحايا، فكل الذين ماتوا وقطعت ألسنتهم وأصابعهم ودهسوا وضربوا ليسوا سوى دمى، لا روح لهم، ولا دم لهم ولا أثر، وما يزيد الطين بلة أن الإعلام الرسمي غائب عن هؤلاء، ظهروا أيام الأزمة، وحين أريد غلق الملفات غاب الإعلام عنهم، رغم أن “الوفاق” مازالت تستخدم ورقة ضحاياها دون أن تبين أن معظمهم سقط أثناء المصادمات المسلحة مع الأمن، وضحايا “الوفاق” سقطوا من الحسبة !!