يعيش الكثير من الناس وفي جعبتهم أحلام شتّى يسعون لتحقيقها في حياتهم بمنتهى الجديّة والإصرار، ولكن بعضهم يستطيع تحقيق أحلامه وكأنما يمسك بيده عصاً سحريةً، بينما يفشل آخرون في تحويل أحلامهم إلى واقع قائم رغم الجهود الجبّارة التي يبذلونها في سبيل ذلك.
تُرى، ما العوامل التي تؤثِّر في قدرة الفرد على تحقيق أحلامه؟ يعتقد علماء النفس أن هناك قائمة طويلة من العوامل الأكثر شيوعاً، وأوّلها أن تكون الرغبة التي لدى الفرد ليست رغبته أصلاً، فمثلاً إذا كان لدى أحد منا حلم بأن يصبح مديراً أو مسؤولاً في ميدان عمله، مدفوعاً بالمزايا التنافسية التي توفِّرها هذه الوظيفة من مرتبٍ عالٍ، وسلطاتٍ واسعةٍ، ومنافعٍ دنيويةٍ جمّةٍ، فإن هذه الأمنية قد تكون موجودةً في وعيه، وليست لديه هو شخصياً، لأنه يريد فقط إعلاء مكانته الاجتماعية والمادية، أما في أعماق ذاته، فإنه يتصوّر أنه ليس مؤهلاً لأن يكون مديراً، لأنه ببساطةٍ لا يريد ذلك، ولكن هذا الشعور بالذات قد يجعل ترقيته الوظيفية أمراً صعب المنال.
العامل الثاني هو استبدال الرغبات، فلنفترض أن موظفاً ما يكدح في مجال عمله ليل نهار كي يجني أموالاً طائلةً تمكِّنه من السفر، وشراء البيت الرحب، وركوب السيارة الفارهة، لكنه يرى دائماً أن كمية المال التي بحوزته ضئيلة، ولا تستطيع استيفاء أحلامه، والسبب أنه لا يريد المال فعلاً، بل السفر والبيت والسيارة، فالمال مجرد وسيلة للحصول عليها، لأن الناس الذين يبتغون تحصيل مبالغ طائلة من الوظيفة يعملون بضميرٍ حيِّ وجديةٍ وينالون مآربهم في النهاية.
إن العامل الثالث هو البلادة، فهناك نفر كبير من الناس يريدون تحقيق أحلامهم وهم رابضون على مقاعدهم، ومثل هؤلاء كمثل الشخص الذي يتمنى أن يفوز فعلاً باليانصيب مع أنه لم يكلِّف نفسه شراء بطاقة اليانصيب. أما العامل الرابع فهو أن المرء يصرف طاقةً هائلةً لتحقيق أمنيته، فالبعض مثلاً يتخيّل سلفاً، وبالتفصيل الممِّل، كيف أنه سيتزوّج امرأةً فاتنة الجمال، وستنجب له أبناءً رائعين، الخ، وهو بذلك يخرق قانون توازن الطاقة، ويفسح المجال لظهور العقبات المعيقة لتحقيق أحلامه، لذا ينصح علماء النفس بأن “يطلق” الإنسان حلمه، كما يطلق الطفل الطير في الهواء، ويواصل أداء عمله المعتاد، وللمفارقة، فإن هذا الحلم قد يتحقّق فعلاً!
^ أستاذ التربية بجامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
تُرى، ما العوامل التي تؤثِّر في قدرة الفرد على تحقيق أحلامه؟ يعتقد علماء النفس أن هناك قائمة طويلة من العوامل الأكثر شيوعاً، وأوّلها أن تكون الرغبة التي لدى الفرد ليست رغبته أصلاً، فمثلاً إذا كان لدى أحد منا حلم بأن يصبح مديراً أو مسؤولاً في ميدان عمله، مدفوعاً بالمزايا التنافسية التي توفِّرها هذه الوظيفة من مرتبٍ عالٍ، وسلطاتٍ واسعةٍ، ومنافعٍ دنيويةٍ جمّةٍ، فإن هذه الأمنية قد تكون موجودةً في وعيه، وليست لديه هو شخصياً، لأنه يريد فقط إعلاء مكانته الاجتماعية والمادية، أما في أعماق ذاته، فإنه يتصوّر أنه ليس مؤهلاً لأن يكون مديراً، لأنه ببساطةٍ لا يريد ذلك، ولكن هذا الشعور بالذات قد يجعل ترقيته الوظيفية أمراً صعب المنال.
العامل الثاني هو استبدال الرغبات، فلنفترض أن موظفاً ما يكدح في مجال عمله ليل نهار كي يجني أموالاً طائلةً تمكِّنه من السفر، وشراء البيت الرحب، وركوب السيارة الفارهة، لكنه يرى دائماً أن كمية المال التي بحوزته ضئيلة، ولا تستطيع استيفاء أحلامه، والسبب أنه لا يريد المال فعلاً، بل السفر والبيت والسيارة، فالمال مجرد وسيلة للحصول عليها، لأن الناس الذين يبتغون تحصيل مبالغ طائلة من الوظيفة يعملون بضميرٍ حيِّ وجديةٍ وينالون مآربهم في النهاية.
إن العامل الثالث هو البلادة، فهناك نفر كبير من الناس يريدون تحقيق أحلامهم وهم رابضون على مقاعدهم، ومثل هؤلاء كمثل الشخص الذي يتمنى أن يفوز فعلاً باليانصيب مع أنه لم يكلِّف نفسه شراء بطاقة اليانصيب. أما العامل الرابع فهو أن المرء يصرف طاقةً هائلةً لتحقيق أمنيته، فالبعض مثلاً يتخيّل سلفاً، وبالتفصيل الممِّل، كيف أنه سيتزوّج امرأةً فاتنة الجمال، وستنجب له أبناءً رائعين، الخ، وهو بذلك يخرق قانون توازن الطاقة، ويفسح المجال لظهور العقبات المعيقة لتحقيق أحلامه، لذا ينصح علماء النفس بأن “يطلق” الإنسان حلمه، كما يطلق الطفل الطير في الهواء، ويواصل أداء عمله المعتاد، وللمفارقة، فإن هذا الحلم قد يتحقّق فعلاً!
^ أستاذ التربية بجامعة البحرين