يضع جون كين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة وستمنستر البريطانية، في كتابه الموسوم “العنف الديمقراطية”، عشر قواعد يمكن في حالة تطبيقها أن تساهم في نزع الصفة الطبيعية عن العنف، وتجعله متناغماً مع مؤسّسات وطرق العيش الديمقراطي المعتمدة بالدول المتقدمة. ويرى البروفيسور جون كين أن القاعدة الأولى تتمثل في محاولة تفهّم دوافع الأشخاص العنيفين وبيئتهم، واستقصاء أسباب العنف الحقيقية. أما القاعدة أو الوصية الثانية فهي تجنّب اتخاذ أقصى الحلول والإجراءات أو إعلان الحرب، فيما تتلخّص القاعدة الثالثة في أن السلطة التي تلجأ للعنف لا يمكنها الحدّ منه من غير تنمية التمدّن، ورفع سقف الحريّات المدنية. أما القاعدة الرابعة لإضفاء الصفة الديمقراطية على العنف فهي أن يعمد الناس الذين يمارسون الديمقراطية قولاً وفعلاً إلى بذل الجهود الممكنة لمنع خصخصة وسائل العنف، والخامسة هي أنه عند البحث عن السلام بين المدنيِّين وحكوماتهم يفترض أن يتهيّأ الوسطاء لتقديم مقترحات غير عملية وحلول عسيرة مقيِّدة للطرفين، فيما تنّص القاعدة السادسة على أنه عندما تواجه الأنظمة الديمقراطية بمعارضة عنيفة، فعليها الاستعداد لاستخدام كميات مدروسة من العنف في حالة إخفاق الاستراتيجيات السلمية، رغم أن استخدام العنف نقيض للديمقراطية. وتنصح القاعدة السابعة باستخدام كافة وسائل الاتصال والإعلام المتاحة لفضح أعمال العنف كي تصبح أسبابها وتأثيراتها موضع نقاش بين عامة الجمهور، ويتم التوصل إلى حلول ناجعة ومسؤولة، بينما تستحّث القاعدة الثامنة على التدقيق في المقدمات الأخلاقية التي تتجلّى عند الجمهور المتعرِّض لتصوّرات رمزية عن العنف، وذلك من خلال مساعي وسائل الإعلام في الدول الديمقراطية التقليدية لتحويل العنف إلى وسيلة للتسلية والمتعة. أما القاعدة التاسعة فتدعو إلى حشد الدعم من أجل الفضائل المدنية التي يعد التواضع أعظمها، بينما تدعو العاشرة الديمقراطيين إلى الالتزام بفضيلة الاعتراف بخطأ عار العنف المرتكب في الصراعات التي تتم باسم الدفاع عن الديمقراطية، وأظّن أن التمعّن مليّاً في هذه الوصايا العشر، والتبصّر في مضامينها الفعلية، سيساعدنا جميعاً على العيش في سلامٍ ووئامٍ