الموقف في البحرين اليوم أصبح واضحاً تماماً للبحرينيين وللمقيمين وللسفراء ولرؤساء الهيئات الدبلوماسية، وهو أن شعب البحرين كله، بسنته وشيعته وببقية طوائفه، بنسائه وبرجاله، بمناطقه ومحافظاته، وبشماله وجنوبه، بمؤسساته المدنية المنتخبة التشريعية والتجارية والحقوقية والمهنية، كلها لا تلبي نداءات “الوفاق” ولا تخرج معها رغم كل نداءاتها المتكررة.
الموقف الآن أن شعب البحرين كله يقف صفاً واحداً مع القوانين، التي سنتها سلطاته التشريعية المنتخبة، ويريد أن تحاسب سلطاته المنتخبة السلطة التنفيذية لعدم قيامها بواجبها، فوزير العدل ووزير الداخلية والنيابة العامة من السلطة القضائية قصروا في إنفاذ ما سنته السلطة التشريعية.
هذا واضح عند الشعب البحريني، ولهذا لا نعرف لماذا استدعي السفراء لمناقشة شأن داخلي؟ هل نأخذ الإذن منهم لإنفاذ ما سنته السلطة التشريعية من قوانين؟
نريد أن نعرف لماذا تقف السلطات التنفيذية مترددة في إنفاذ القانون الذي سنته السلطة البحرينية المنتخبة؟ لماذا نستدعي السفراء الأجانب بدلاً من الخضوع لسلطة الشعب المنتخبة، ولا ندري حقيقة ما دخلهم وما شأنهم؟
ألسنا دولة لدينا سلطة منتخبة، وضعت قوانين نظمت فيها حق التجمع وحق تشكيل الأحزاب؟ إذاً ما شأن دول العالم بما شرعناه من قوانين؟ وما شأن دول العالم إن أجبر الشعب سلطته التنفيذية بإنفاذ القانون؟
السبب الحقيقي الذي لا تستطيع السلطة التنفيذية أن تقوله ونملك الجرأة أن نقوله، هو أن تردد السلطة التنفيذية بسبب الخوف من “قلق” الولايات المتحدة الأمريكية المساندة لحزب سياسي غير ممثل في السلطة المنتخبة، حزب سياسي ضرب بسلطاته الشرعية الثلاث عرض الحائط، وأنه لولا مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الحزب لتم إنفاذ القانون في الحال.
بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف ضد إرادة الشعب البحريني، وضد سلطاته المنتخبة، وتتردد السلطة التنفيذية في القيام بواجباتها مراعاة “للقلق” الأمريكي.
الشعب البحريني يتعرض لإرهاب، وقُتل منهم مدنيون وقُتل عسكريون، وتم قطع للطرق وتعطيل لمصالح الدولة، وسلطتنا التنفيذية تتفرج على هذا الإرهاب، وتستدعي السفراء لتقول لهم إن الشعب البحريني يريد منا أن نطبق القانون.
والله لا حاجة لاستدعائهم.. فالسفراء والمقيمون يرون بأم أعينهم كم عدد من يلبي دعوات “الوفاق”، ويرون أن الشعب البحريني لا يستجيب لدعواتها بالمسيرات التي يسمونها “الحاشدة”! بل يمارس حياته ولا يخضع لإرهابهم وابتزازهم، السفراء يعرفون هذه الحقيقة.
وما إقحام السفراء في هذا الشأن إلا ضعف من السلطات التنفيذية، لهذا استمرأت “الوفاق” حتى وصلت وقاحتها أن يعلن أعضاؤها أنهم “خدم” لخامنئي، بالله عليكم أي دولة في العالم تسمح بأن يقول أعضاء حزب سياسي مرخص فيها بأنهم خدم لرئيس دولة أخرى؟ لو وقف أحد أعضاء أي حزب أمريكي وقال إنني خادم لبوتين، ماذا يمكن أن يكون رد فعل القانون الأمريكي؟
بسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية وضعف السلطة عندنا أصبح لدينا مواطن بحريني يحمل الجنسية البحرينية هو عيسى قاسم، لكنه ممثل شرعي لخامنئي، بصك رسمي في المجمع العلمائي ويمثله عنهم في البحرين “يعني سفيره”، ولديه مؤسسة مدنية ترفض أن تخضع للقانون البحريني، وتقف الدولة تتفرج عليه مراعاة “لقلقكم”، ولدينا أعضاء حزب سياسي مرخص يضربون بقوانين السلطة المنتخبة عرض الحائط، وتقف الدولة تتفرج عليهم، وأحدهم تلو الآخر يعلنون أنهم خدم لرئيس دولة أخرى، تلك خيانة عظمى لو ارتكبها أمريكي عضو في الحزب الجمهوري أو الديمقراطي لقامت القيامة، وفصل من حزبه وقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى. إنما يحدث ذلك في البحرين وقيادتنا وسلطاتنا المنتخبة واقفة تتفرج تنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة كي نستعيد كرامتنا وأمننا واستقرارنا.
ألا فاعلموا إن حجت حجايجها، وإن أجبرنا ولا خيار لنا، ولم تعترف السلطة التنفيذية بسلطاتنا المنتخبة، ولم تطبق قوانينها، فإننا كمدنيين سننزل كلنا للشارع، لنقول لـ “الوفاق” وللولايات المتحدة الأمريكية وللسلطات التنفيذية، كفى عبثاً بأمننا وعبثاً بوطننا، فإن عجزت الرجال وترددت، فوالله سأكون أول النساء وأول من ينزل ويقف في الصف الأمامي، فلن نخسر “ظفيري” آخر، ولن نخسر “رانية” أخرى، ولن نخسر “عبدالله” آخر، ولن نخسر “مريسي” آخر، ولن نخسر ضحايا آخرين.
البحرين كلها عن بكرة أبيها هي التي ستخرج للشارع، إن عجزت الدولة أن تطبق القانون، والشعب البحريني سيقول ما لم تقله سلطاته للولايات المتحدة الأمريكية، إن كانت مصلحة “الوفاق” عندكم أهم من مصلحتكم مع الشعب البحريني وتقفون معها ضد مصلحة الشعب البحريني، فلا نريد علاقات ثنائية، ولا نريد تحالفاً، ولا نريد أسطولاً، ولا نريد اتفاقية تجارة حرة، ولا نريد قطع غيار، إن كان ثمن هذه “المكاسب” هو ذلنا، فنحن متنازلون عن مكاسبكم.. وكرامتنا فوق أي اعتبار.
لذا فإننا نلزم السلطة التنفيذية بإنفاذ القانون الخاص بضوابط الجمعيات السياسية والخاص بضوابط التجمع والخاص بالمؤسسات المدنية.. وإن طبق على فرد أو مؤسسة فيطبق على الجميع، وإن قدم شخص للمحاكمة فيقدم الجميع، وإن أغلقت مؤسسة فتغلق المؤسسات المخالفة الأخرى.. القانون فوق رأس الجميع.. أمريكا أو غير أمريكا.. شاء من شاء وأبى من أبى.