أجزم أن أغلب المواطنين يطالبون بمنع أية مسيرات لجمعية الوفاق التي أصبحت سلميتهم تثير ضجراً لدى شريحة كبيرة من الشعب الذين تتعطل مصالحهم بسبب هذه الاعتصامات والمسيرات، والتي صراحة قد سئمنا من كثرتها ومن موضوعاتها المكررة التي لا طائل منها إلا إثارة العنف والتخريب في الشارع ليس إلا، وبالتالي فإن على وزارة الداخلية أن تكون أكثر حزماً في عدم الترخيص لهذه الجمعية ودراسة طلبها من جميع النواحي سواءً من حيث المكان أو الزمان، وما هي الدواعي التي من أجلها تخرج هذه المسيرات “العبثية”!
من الملاحظ أيضاً أن الوفاق حين تطلب الترخيص لأي مسيرة أو اعتصام لا تختار إلا مناطق حيوية تضم منشآت اقتصادية وتجارية تقدم للمواطنين والمقيمين خدمات مهمة لا يمكن أحياناً الاستغناء عنها، فضلاً عن أن “هايد بارك” الوفاق يعطل الحركة المرورية؛ بل ويشلها تماماً، وهو ما يؤدي إلى الإضرار بمصالح الناس، ويا ليت الأمر يقف عند ذلك؛ بل يصل إلى الإخلال بالأمن والمناوشات مع قوات حفظ النظام والمسلسل المعتاد الذي اعتدنا عليه، وهذا كله تتحمل مسؤوليته الوفاق وحدها.
نقولها صريحة؛ إذا كانت الدولة تريد استعادة هيبتها وتسعى إلى حوار وطني وفتح صفحة جديدة، عليها أن تفرض القانون وتعاقب المخربين ومن يقف وراءهم من المحرضين، خصوصاً صاحب الفتوى الشهيرة “اسحقوهم”، لأن الجلوس على طاولة واحدة مع من نادوا برحيلنا إبان الأزمة من البلاد وطالبوا بإسقاط النظام يستحيل في ظل عدم إدانتهم للعنف الحالي في الشارع، بل هم ذاتهم من يسعون إلى التأزيم والفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
إن الدخول في حوار وطني يجمع الكل على طاولة مستديرة مرهون بإيقاف العنف وبسط الأمن والابتعاد عن سياسة التهديد التي تنتهجها المعارضة وتلوح بورقة الخارج دائماً، وتسعى لإدخال الأجنبي في شؤوننا المحلية، والغريب أنها ذاتها تدعو إلى أن يكون الحل بحرينياً، وقبل كل شيء يجب احترام الرأي الآخر من الجميع والابتعاد عن التعصب للرأي أو الشروط المسبقة وفرض الرأي الواحد، فالمشكلة لم توجد إلا ولها عدة حلول، لكن تحكيم العقل يجب أن يكون حاضراً والنية الصادقة في الوصول إلى نقاط مشتركة تسهل الانتهاء إلى توصيات وحلول ناجعة.
حقيقة أن القيادة السياسية كانت متقدمة كثيراً ومتسامحة إلى أبعد الحدود؛ بل وأبوابها مفتوحة للجميع وتدعو للحوار الوطني، وكانت حليمة وتتمع بضبط النفس رغم كل ما حدث من قبل المعارضة وأتباعها، وما رافقه من عنف ما زالت تدور رحاه في الشارع، وبالتالي على الوفاق وباقي الجمعيات المعارضة أن تضع نصب عينها مصالح الوطن، وأن تسمو بفكرها بعيداً عن المصالح الضيقة، لأن ذلك هو المخرج الوحيد لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة وليس بالعنف والتخريب.
بلا شك أن البلاد تواجه تحديات جمة لن يتم التغلب عليها إلا من خلال الوحدة بين فئات المجتمع على اختلافها والتمسك بالروح الوطنية والبعد عن الطائفية المقيتة والتعنت السياسي وفق أجندات خارجية أو الارتماء في أحضان الأجنبي، لأن الحل لن يكون إلا من الداخل بالتكاتف والتعاون بين الجميع؛ سواءً الدولة أو القوى الوطنية والمجتمعية التي تريد لهذا الوطن الخير، وعلى الكل أن يجعل من الأزمة التي مررنا بها درساً وعظة نتعلم منها معنى الانتماء للوطن وترابه والتلاحم مع قيادته والوقوف في وجه كل من يضمر الشر لبلادنا كائناً من كان سواءً من الداخل أو الخارج.
^ همسة
«من يشارك في المسيرة يعد مخالفاً للقانون وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله”، عبارة دائماً نقرأها فهل نرى تطبيقاً فعلياً على أرض الواقع؟