ليست هنالك من بشائر تلوح في أفق المنطقة، والشرق الأوسط عموماً، فكل شيء يشي بالكثير من الحرب والكراهية، وكأن المنطقة العربية باتت على صفيح ساخن، وبعض دولها أصبحت على حافة الهاوية، بسبب الصراعات الداخلية، والرغبات والشهوات الأجنبية.

لستُ نذير شؤم، لكنه الواقع المرير الذي لا يمكن تخفيفه أو حتى التلاعب الإرادي بنتائجه، فطبول الحرب أُعدتْ، وآلة القتل جهِّزتْ، وكل شيء غدا غير مخفي، ليس على المحللين السياسيين فحسب، بل حتى على الأطفال.

هي الحرب، ولا شيء سواها، وكل الأطراف متمسكة بخياراتها، أما التنازلات السياسية فهي آخر ما يفكر بها هؤلاء. أصبح الحديث عن تسويات أو قبول بمفاوضات سياسية، أمراً مضحكاً للغاية، بل كل المعاني التي تتحدث عن حوار، أو حتى عن طاولته الخشبية، ليست في وارد قوم تقدموا خطوات في تهيئة أنفسهم لدخول المعركة، فقضية الربح والخسارة أصبحت ومن زمن بعيد، محسومة عند كل الأطراف.

ما يمنع تأخر الحرب وتفجّر الأوضاع في المنطقة العربية، هو في الرغبة الجامحة للمحافظة على آبار النفط وإمداداته للغرب، فليس الإنسان هو الضمانة الحقيقية لإبعاد المنطقة عن الصراع المسلح وعن شبح العسكرة، بل هي المصالح لا غير.

لو كانت هناك رغبة حقيقية للقوى الكبرى والعالمية في استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، ولو كانت هناك نوايا صادقة لتحويل الوطن العربي إلى جنة للديمقراطية والحرية، لما شجَّعتْ تلك القوى، وهيأتْ كل الأجواء لحرب مدمرة لو قامتْ، فهي أكثر خبرة منَّا بما يحصل من استعدادات للمعركة المقبلة، لكننا لم نجدْها تقف ضد إشعالها ووقف دقّ طبولها، بل هي الحقيقة تريد ذلك، لكن النفط هو العائق الوحيد من تدمير الوطن العربي برمته.

بهذا الملاحظ، يكون الإنسان العربي غير ذات قيمة لدى القوى الكبرى، لأن النفط هو سيد السادات، أما الديمقراطية والأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان، فهي قيم مثالية مجردة، لا نفهم منها سوى الكلمات، أما الواقع فإنه يخالف تلك المثل والقيم التي تتشدق بها أمريكا وروسيا وتوابعهما.

الديمقراطية في الوطن العربي ليست أهم من المصالح الغربية، كذلك الإنسان غير ذات قيمة في مقابل تلك المصالح المكشوفة، لكن مع الأسف فإن(ربعنا) لديهم من الإيمان بأمريكا وغيرها من الدول الكبرى، ما يجعلهم يخضعون لأوهامهم وينساقون كالنعاج لشعاراتهم الفارغة.

نحن اليوم تحت مرمى النيران الصديقة والعدوة، والمنطقة مرشحة للانفجار، أما الديمقراطية والعدالة والحرية والمساواة، فإنها ممارسات تمارس في تلك الدول، وهي عندنا شعارات خاوية لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود عصابات من الدول الناهبة لخيراتنا.

الديمقراطية هناك، أمَّا هنا فهم ليسوا رُسُلها، بل هم أنبياء حرب وخراب. هم يريدون السيطرة على ثرواتنا، وعندما يحين وقت جفاف الذهب الأسْود، سيحرقون الوطن العربي بالكامل، ولن يدفع أي منهم فاتورة الحرب... صدقوني.