مازلنا في جدل كبير بشأن الزيارة الأخيرة للمسؤول الأمريكي للمنامة، وما وراء هذه الزيارة التي يشوبها الكثير من الغموض، ولكن هذا الغموض بدأ بالانكشاف بشكل تدريجي وبطيء، وأتوقع أن يعرفها الجميع خلال أيام بعد أن تتضح خيوطها أكثر فأكثر. أعتقد أن البحرين الآن تشهد إرهاصات الموجة الثانية من الهجمة على الدولة داخلياً وخارجياً، وصارت الاستعدادات شبه جاهزة، فالضمانات الدولية تم تأكيدها، والتجهيزات المحلية تم ربط خيوط تفاصيلها. لذلك يمكننا ملاحظة أصداء زيارة المسؤول الأمريكي للعاصمة البحرينية الأسبوع الماضي، فيومياً باتت القوى السياسية تصدر بيانات ومواقف واضحة بشأنها، لأنها تدرك جيداً أن ما تم في أروقة بعض الأماكن هي تفاصيل ومرئيات باتت نتائجها ظاهرة سريعاً، وصار مفعولها منسكباً على أرض الواقع منذ تصريحات أمين عام الوفاق مؤخراً. الجدل حول بوسنر وزيارته الأخيرة لم يأت من فراغ، فمادام هناك غموض كبير يلف هذه الزيارة، فضلاً عن بعض أجندته المكشوفة، فإننا بصدد رسم خيوط طويلة للعديد من الأحداث المقبلة التي ينبغي الانتباه لها، وهي أحداث قد تكون في صالح البحرين، وقد لا تكون. كما إنها أحداث قد تكون في صالح بوسنر وبلاده، وقد لا تكون. المهم هنا أن جميع الأطراف تعلب الآن لعبة مكشوفة أجندتها، وتحركاتها، ومساراتها، وأبعادها أيضاً. ولم يعد هناك أمر مخفي كما كان عليه الحال خلال الأزمة في فبراير 2011، وما قبلها. ما يميّز الصراع السياسي في البحرين الآن، أن جميع الأطراف تعمل ضد بعضها بعضاً، وإذا كانت هناك مجاملات، فإن جميع الأطراف تدرك أنها مجاملات. وإذا كانت هناك إشادات بعمق العلاقات بين هذه الأطراف، فإن جميع الأطراف تدرك أيضاً أنها لا تتعدى المجاملة السياسية فاقدة القيمة. هذه الحالة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر، وأن تظل الدولة البحرينية في حالة اللاحسم، ولكن المؤسف أن هذه الحالة قد تظل فترة طويلة من الزمن. ولذلك ينبغي عدم الرهان كثيراً على التطورات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد منطقة الخليج العربي، بقدر الاعتماد على إحداث تطورات محلية يمكن أن تساهم في الإسراع من إنهاء حالة اللاحسم. ^ اعتذار.. أعتذر للقراء الكرام كثيراً على غموض مقال اليوم، ولكنني على ثقة بأن هذا الغموض سينكشف سريعاً خلال أيام.