للقارئ أن يتصور شخصاً يحدث فوضى في مكان، وعندما يقال له “اسكن.. يوز” يصرخ مستغرباً ويقول “شوفوا.. ما في حرية.. شفتوا اشلون منعوني.. بل بل بل.. طقوني”!؛ هذا بالضبط ما يحصل اليوم في البحرين من قبل البعض الذي يصر على النزول إلى الشوارع ويريد أن يفرض إرادته على الجميع، ثم عندما يقال له إن هذا لا يجوز يتمادى في فعله، فإن أقبلت الدولة على وضع حد لما يقوم به حماية للآخرين من نتائج فعله وتفعيلاً لدورها ومسؤولياتها يصرخ ويقول إن الحكومة تحاربني وإنها غير ديمقراطية، وإن “من حقي أن أفعل ما أشاء وقت ما أشاء وبالكيفية التي أشاء.. شاء من شاء وأبى من أبى”! ثم عندما لا يجد قبولاً من الآخرين لفعله وقوله وموقفه وإصراره غير المعقول على ما يقوم به يسعى إلى المنظمات الحقوقية في العالم ويقول ببساطة “لحقوا علينا.. طقونا”، ولأن تلك المنظمات لا تفهم اللهجة المحلية ولا العربية الفصحى فإنهم يقولون لها كل ذلك بالإنجليزي! تغريدة لافتة تؤكد أن ذلك البعض ينظر إلى الأمور “بالمقلبو”؛ أي بالمقلوب، نشرت منسوبة لنبيل رجب ملخصها أن (منع التظاهرات “بالعنف” من قبل النظام هو الذي يدفع الناس للرد بالعنف وغلق الشوارع.. وأنه لولا ذلك لما لجأ الناس إلى هذه الأساليب)! فالعنف -حسب هذه التغريدة الغريبة- هو من الدولة التي ينبغي أن تصمت ولا تحرك ساكناً عندما ترى مظاهرة أو أفعالاً تعطل حياة الناس وتقلق راحتهم، وأن تقول لمن يريد أن يخرب خرب وافعل كل ما بدا لك، وأن لا تتجرأ وتزعج المتظاهرين حتى وإن عطلوا أرزاق الناس وتسببوا في إغلاق محالهم أو عطلوا الشوارع وخطفوا راحة المرضى! بالمنطق لا يمكن لرجال الأمن ضرب مظاهرة أو مسيرة مرخصة، ومن غير المعقول أن تطلق مسيلات الدموع هكذا دون سبب، أو تعتقل أحداً دون سبب. من غير الممكن أبداً أن تفعل الحكومة ذلك. الحكومة مهمتها منع الفوضى والتعامل مع الخطأ وحفظ الأمن، ورجال الأمن يتعاملون مع المواقف التي تتطلب التعامل معها، ومن غير المنطقي ولا المعقول أن تتعامل مع مواقف لا تتطلب التعامل معها بهذه الطريقة أو تلك. رجال الأمن يمنعون التظاهرات غير المرخصة ويتعاملون مع الذين يحدثون الفوضى ويعطلون حياة الناس، فإذا لم يجدوا كل ذلك فإنهم بالتأكيد لا يفعلون شيئاً. هذا يعني أن نبيل رجب يريد أن يقلب الحقيقة ويقول للعالم إن الدولة هي التي تمارس العنف، وأن الدليل هو أنها تتعامل مع مظاهرة غير مرخصة وتريد أن تمنعنا من تعطيل حياة الناس! تغريدة أخرى (أردى) منسوبة لنبيل رجب أيضا مفادها أن (التجار الذين يريدون إيقاف الاحتجاجات عليهم التحلي بالشجاعة والطلب من النظام وقف الفساد والجرائم ضد الناس)، فهو هنا يتهم التجار بأنهم يقفون مع الظلم المتمثل في ممارسات الحكومة -حسب رأيه- وأنهم جبناء وأنهم لو كانوا “كفو” لوقفوا في وجه الحكومة، أو بمعنى آخر لوقفوا (معنا) ضد الحكومة حتى وإن لم يكونوا مقتنعين بما نفعل، وفي كل الأحوال عليهم ألا يطالبوننا بوقف الاحتجاجات..لأنه “ما يصير”! فهو يريد من التجار الذين تضرروا بفعل سلوكيات خاطئة يمارسها المحتجون يومياً ألا يقولون (آخ)؛ بل على العكس عليهم أن يقفوا ضد الحكومة التي تريد أن تحميهم وأن يضعوا بيضهم في سلة “المعارضة”! أمور لا يقبلها العقل تسيطر على عقول البعض الذي يريد أن يأخذ البلاد عنوة إلى المجهول، تستدعي الانتباه إليها ولكن ليس “بالمقلبو”!