سال كثير من الحبر عن أحداث البحرين، كُتب الكثير، خرجت تحليلات كثيرة، هناك من اقترب من الواقع، وهناك ممن يحملون الجنسية لكنهم يكتبون ليصيبوا البحرين الجراح، ولم لن ينجحوا، بإذن الله. هناك من المحللين والمفكرين من استطاع أن يفهم اللعبة التي حدثت، وهناك من امتلك معلومات قوية عن أحداث البحرين، غير التي يتداولها العامة، وهناك من المسؤولين من هم يمتلكون حقائق ومعلومات كبيرة ويعرفون ما خلف الأحدث، لكنهم آثروا الصمت، وعدم الحديث الآن على أقل تقدير. أنا وأنت وغيرنا كنا نشاهد الصورة التي أمامنا، كنا نشاهد الظاهر من الأمر، وكانت الصورة أمامنا كذلك، لكن من منا كان يشاهد ما خلف الصورة؟ من منا امتلك أن يقرأ المشهد قراءة مختلفة عن الظاهر وعن واجهة الصورة؟ أحد كبار المسؤولين قال ذات مرة معلقاً على كلام قيل له أمام جمع من الناس وهو لا يريد أن يعلق بشكل واضح وصريح لأسباب كثيرة، المسؤول الكبير قال: “يا جماعة اللي في الفخ.. أكبر من العصفور”..! كان الحدث عن أحداث البحرين، وكان هذا هو الرد، لا أستطيع أن أدخل في عقل المسؤول لكني أستطيع أن أفسر كلامه أن ما ترونه من أمور أمامكم اليوم، ليست هي الصور الحقيقية للأحداث، هناك صورة لا ترونها. هذا ما أستطيع أن أفسره من كلامه، وأعتقد أن من ضمن قصد كلام المسؤول أن اللعبة الدولية أكبر من التحركات التي تحدث على أرض البحرين، وأكبر مما ترونه من حرق شوارع، أو مولوتوف، أو استهداف للمواطنين والمقيمين وقتلهم، نعم ذلك جزء من المشهد، لكن الصورة أكبر، واللعبة كانت أقذر، والأيادي كانت أكبر بكثير من أيادٍ تلقي زجاجات المولوتوف. ليس من باب المجاملات، إنما هو واقع ملموس ومشهود، فما يحسب لقادة البحرين جميعهم، أنهم يملكون ديناً وأخلاقاً وقيماً ومبادئ لم يحيدوا عنها، أهمها وأكثرها جلاء هو أن قادة البلاد كانوا ضد إسالة أي دماء بحرينية أو سقوط ضحايا في أحداث البحرين، من أي دين كانوا، ومن أي ملة، مواطنين كانوا أم مقيمين. هذا المبدأ الذي سارت عليه أسرة آل خليفة الكرام حفظ البحرين من أن تنزلق في متاهات كثيرة، من ضمنها الفعل، ورد الفعل، أو منزلق آخر خطير، كانت أيادي الإرهاب تسعى إليه، وهو سقوط عدد كبير من القتلى في أحداث البحرين، والحمد لله أن ذلك لم يحدث. كل هذه الأمور، كانت جزءاً من الصورة غير المرئية، الصورة المرئية نشاهدها جميعاً، لكن الصورة غير المرئية هي القضية، وبها ملامح قوية ومحددة لأحداث كثيرة مرت بها البحرين. في كثير من الأحيان وأثناء الأزمة كانت مواقف قادة البلاد ربما لا يفهمها العامة، أو يفسرونها بشكل مختلف، لكن بعد أن هدأت الأمور واستقرت بفضل الله، ظهر جلياً أن خلف تلك المواقف حكمة ورؤية ونظرة بعيدة أبعد من لحظة الموقف. يحسب لجلالة الملك حفظه الله أنه وخلال الأزمة كان يظهر ويطمئن الناس حتى من باب ظهوره الواثق، أو ابتسامته في اللقاءات، كان لذلك تأثير على العامة وعلى من كان يظن أن الأمور أوشكت على الحسم. في عمق الأزمة كان لظهور سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله في مواقع كثيرة، أو من خلال تصريحات هامة في ساعته، فلا ينسى أهل البحرين خروج خليفة بن سلمان إلى مناطق كثيرة والأمن شبه مفقود، ولا ينسى أهل المحرق والبسيتين زياراته لهم وكلماته التي كانت تمسح على القلوب في حينها وتطمئن الناس. من جملة الأمور التي حدثت أيضاً مواقف سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد حفظه الله، ربما كان هناك من يظن أن مبادرة سموه في الأزمة أنها استجابة للإرهاب في الشارع، لكنها كانت حكمة ورؤية بعيدة، فهذه المبادرة عرت أمامنا الإرهابيين، من أنهم لا يريدون أصلاحاً أو ديمقراطية أو تطوراً في العملية السياسية، خاصة حين جاء ردهم على المبادرة إما دستور جديد أو لا شيء آخر. هذه المبادرة كشفت حقيقة نوايا الوفاق، وتبعيتهم للولي الفقيه، وأن القرار كان من عنده وليس من عندهم، وقرار الولي الفقيه كان بتوجيه إيراني. لن أستطيع أن أكشف كل الصورة التي لا نشاهدها عن أحداث البحرين، حتى وإن امتلكت بعض المعلومات، إلا أن الصور التي خلف الأحداث يعلمها قادة البلاد ومن اطلعوا على حقائق الأمور، حتى كانت كل الخطوات التي حدثت بعد ذلك من ضمنها لجنة التحقيق الدولية، البعض ليس راضياً عنها أو عن ما أفضت إليه، لكنها وبحكمة جلالة الملك نزعت فتيل أزمة كبيرة دولية تحاك ضد البحرين. الصورة أكبر من قضية حوار، أو قضية أحكام قضائية، أو مواد لتفجيرات كبيرة، الصورة أكبر بكثير.. لذلك قال المسؤول الكبير “اللي في الفخ.. أكبر من العصفور”..!!