التخطيط الطويل المدى هو عملية صعبة جداً، تجمع ما بين مدى الوعي والتكافل الأسري في الشجرة القائمة على ذلك ومنها نرى نوراً تساير الخطة مع الزمن، وتحتاج ذراعاً ثانوية وهي إيمان شارعها المحلي بها وثقتها بالمضي قدماً على هذا النمط الاستراتيجي من الخطط والتنظيم، حتى وإن انتقدت فعليها أن تكون على رضى في حدود ومدى القيد الاستراتيجي الدافئ. لنا في العديد من التجارب العالمية أمثلة في أنواع التخطيط، ولن أذكر التجربة الألمانية، ولا الأوروغويانية، بل مثالاً آسيوياً حياً، وهو اليابان، التي تقترب من أن تصبح هولندا آسيا، للكرة الشاملة التي تصدرها للقارة الآسيوية حالياً بقيادة زاكيروني المدرب السابق في الدوري الإيطالي، وتخيلوا بأن اليابان بدأت مشروعها بمسلسل كرتوني للأطفال وهو “الكابتن تسوباسا” هو المسلسل الذي دبلج بالعربية “للكابتن ماجد”، فهي جعلت من كرة القدم لعبة شعبية أولى عند الأطفال بواسطة هذا العرض، لاحظوا الوسيلة والثقب الذي أحدثته في زرع هواية جديدة آنذاك أنتجت بعدها جيلاً عظيماً، والمغزى في كلامي ليس في أن نؤلف مسلسلاً رمضانياً كرتونياً، بل بتعددية الأفكار وعبقرية الاستغلال ودقة التقييم وصراحته، بالفعل شتان ما بينهم وبين بيئتنا العربية، هم يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن ندعم المصالح والمجاملات حتى نفشل من عمل الناجح، ونرتقي بالفاشل! فبين كل النتائج الساحقة التي تأتي ضد المنتخبات، هناك شيء يولد ونحن لا نعلم بذلك، إنها التجربة التي تجعل من الإنسان يعرف طريقه وما يجب أن يتوجه إليه، عديد من المنتخبات العالمية خسرت بالخمسة والآن تدك شباك خصومها بالثمانية والسبعة، الخسارة مفيدة لأنها تسهل الوجود والخروج من رحم التجربة، تلك التجربة التي تضع القنديل في يد الإنسان حتى يعرف طريقه ويكتشف أسراره، ويرى مجد ما قدمته له أخطاؤه من فائدة! مرحلة الإيمان بالمشروع لا تكون تصديقاً بقدر ما هي تعايش، فأنت قبل إيمانك تحتاج لرسم احتمالين على الشاشة، إما أن تستحق التجربة في البطولة القادمة أو تنجح، لن أقول الفشل لأن في غمار إيمانك بالمشروع التخطيطي الطويل المدى لا تعتبر أي من الخسائر هي “هزائم” بقدر ما هي محك وأوكار تجارب تنافسية كلها صرامة. لن يفيدنا شيء سوى الإخفاقات، لأنها الطريق نحو شرارة الجهاز الرقابي “المجتمع وإعلامه”، وهو ما يعطينا التقييم والتوجيه، ويتبقى فقط علينا التنفيذ!