للمرة المليون نسأل ونحتاج لجواب واضح “غير ضبابي” كالمعتاد وذلك حول الدور المفترض أن يلعبه السفير المعتمد من دولته في بلد آخر، وما يفترض بالدولة أن تفعله لو تجاوز سفير حدوده وبدأ يتدخل بشكل سافر في شؤونها الداخلية. نعرف ما تقوله الاتفاقيات الدولية، ونفهم تماماً ما هو دور السفير، والكل يعرف ذلك، لكننا في البحرين لنا خصوصية على ما يبدو، إذ بعض سفراء الدول الكبرى لا يلعبون دور سفراء بقدر ما يلعبون دوراً رئيساً في تأزيم الوضع والتكرم باستشارات على قوى التحريض من خلال اللقاءات والاجتماعات الدائمة التي تتم بينهم. فيما الجهات المعنية في الدولة تنفي أية تجاوزات من قبل سفراء معنيين، يجتمع عدد منهم في مقر الجمعية التي حولت نفسها إلى “دولة بداخل دولة”. لا ندري هل كانت “غبقة رمضانية” مثلاً، دارت خلالها أحاديث لا علاقة لها بالتدخل في شؤون البحرين بأي حال من الأحوال، وهذا مستحيل طبعاً؟! أم كانت اجتماعات ودية فقط للتهنئة برمضان والتمتع بالضيافة من قبل الجمعية المعنية؟! نريد تفسيراً واضحاً للحادثة، خاصة وأنها تأتي بشكل مطور هذه المرة عبر تجميع عدد من السفراء الممثلين لدول لها وزن دولي لا يستهان به، وفي توقيت واحد. وثائق “الويكيليكس” كشفت وبتفصيل واضح الدور الذي لعبته بعض السفارات في دعم جمعيات معارضة بعينها، اتفقت معها على خلاصة تصنف تحت عنوان عريض اسمه “كيفية إسقاط النظام” وتمهد للانقلاب عليه. رغم ذلك لم نر رد فعل ولا إجراءات واضحة، بل تصريحات نفي وتأكيد على “عمق العلاقات الثنائية”. بل وصلنا لمرحلة نعرف فيها بأن السفير الجديد هذا أو ذاك سيأتون بأجندة تزيد من البلبلة في البلد، ورغم ذلك لا مواقف استباقية هي من حق الدول أن ترفض قبول أي عنصر تأزيم خارجي، ولا إجراءات لاحقة حينما تتضح بأن الممارسات التي تتم والاجتماعات التي تعقد كلها تخالف الأعراف الدبلوماسية من جانب وتخالف قانون الجمعيات من جانب آخر. الجهات الرسمية ردت على أحد النواب حينما طالبها بممارسة دورها بشأن تجاوزات واضحة لأحد السفراء، الرد كان وكأنه صادر من سفارة السفير المعني، مدافعاً ومانحاً إياه غطاء حماية تحت مسمى العلاقات الصديقة، بينما الصغير والكبير في البحرين بات يعرف ما يقوم به هذا السفير بالتحديد. بينما ننفي تجاوزات هؤلاء السفراء وتدخلاتهم في شؤوننا، يخرج قادة التحريض ليعلنوها صراحة بأن هؤلاء السفراء يمدونهم بالاستشارات والمقترحات التي تدعم حراكهم الانقلابي. ألم يقل عبدالهادي الخواجة في الدوار أن سفير الدولة العظمى قال لهم بأنكم إن كنتم تريدون إسقاط النظام فعليكم بالمرابطة في الدوار؟! كلامه موثق بالصوت والصورة ونشك بأن الجهات المعنية لا تعرف ذلك. بيد أننا لا نريد أن نظلم هنا ونتبلى، فقد تكون الفعالية الأخيرة هي بالفعل “غبقة دبلوماسية للسفراء الأصدقاء”، دعتهم إليها الجمعية الانقلابية، وقد تكون الجلسة “بريئة” تماماً لم تعن أبداً بالبحرين وشؤونها الداخلية وكيف تكون الخطوات التصعيدية التالية. إن كانت الجلسة كذلك، فهنا لابد على الجهات المعنية والمتابعة لشؤون السفراء أن “تعاتب” الجمعية صاحبة الاستضافة الرمضانية لأنها لم توجه لها الدعوة لهذه “الجلسة البريئة”، إذ أبداً لا يصح -مثلما يقول إخواننا المصريين- أن يقام “مولد وصاحبه غايب”.