الترتيبات الأمريكية الإيرانية في المنطقة اصطدمت بالصمود البحريني، وربما فوجئت به، فقدر البحرين أن تكون حائط الصد الأول نيابة عن بقية دول مجلس التعاون.
الترتيبات (الأمرو-إيرانية) اعتقدت أن البحرين هي الحلقة الأضعف في المنطقة، فالبحرين بلد متعدد المذاهب ومن السهل اختراقه هكذا كانت الحسبة، وفي البحرين وجد -مع الأسف- من يفتح لهم البوابة الخلفية في ظلمات الليل، فلا أسهل من البدء بها ومن ثم الانتقال إلى البقية، ولكن الله كان لهم بالمرصاد، وشعب البحرين الذي اعتقد البعض أنه الغائب النائم لن يعي ما يرسم ويخطط له، كانت صحوته المباركة هي الحائط الذي تصدى للخيانة العظمى والمخطط الأخطر الذي تواجهه المنطقة.
موقف البحرين اليوم قوي بفضل من الله، ولكننا نخشى من نقطتي ضعف؛ الخيانة من الداخل، وهذه أمرها هين، أما الخشية من ضعف النظام السياسي واستسلامه للضغوطات، فهو ما نحسب له ألف حساب.
لا يعتقد أحد أن البحرين تواجه حزباً سياسياً أحدث فيها ما أحدث.. لا أبداً فهؤلاء ليسوا سوى دمى تحرك عن بعد، قدر للبحرين أن تواجه الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إيران، اللذين عملا سوياً بانسجام تام في الملف العراقي والملف الأفغاني، واللذين اتفقا على حماية الحدود الإسرائيلية على خط الجولان، واللذين اتفقا على وقوف حزب الله عند مزارع شبعا وعدم تجاوزها في لبنان، فلا تطلق رصاصة واحدة أبعد من ذلك! البحرين تواجه هذا التحالف الشيطاني الأكبر.
فقد جاء الدور على دول مجلس التعاون واحتاج التحالف الشيطاني لحصان طروادة كما حصلوا عليه في لبنان وسوريا والعراق، فوقع الاختيار على من هو مستعد أن يلبس عباءة نسائية في جنح الليل ويزور السفارات ويرتب الترتيبات معهم، فوجدوهم في حزب الدعوة وحزب الله حليفهما في سوريا وفي لبنان وفي العراق، والذي توصلوا لاتفاقيات يتقاسمون به المنطقة وتبقى إسرائيل في مأمن.
أما حجة الإصلاحات السياسية التي تتذرع بها الولايات المتحدة الأمريكية فمضحكة لشدة انكشافها، ففي دول أخرى مجاورة لنا لم تشم بعد رائحة الدساتير، ولم تعرف بعد شيئاً اسمه انتخابات، والولايات المتحدة لا تذكرها في تقاريرها وليست معنية بنشر الديمقراطية فيها!! حتى أصبحت قصة الإصلاحات (الجادة) وذات (المغزى) نكتة الموسم، وحدها البحرين من تضغط الإدارة الأمريكية عليها بكل ما أوتيت من قوة، لا من أجل الديمقراطية كما تدعي، فالبحرين قطعت شوطاً كبيراً فيها، إنما تضغط من أجل هدف واحد لا غير وهو تمكين عملائها الخونة سياسياً من أجل إيجاد الصيغة السياسية التي تمنحهم اليد الطولى في تقرير مصير البحرين، لتبدأ معهم الانطلاقة إلى بقية الدول الخليجية وتكتمل الترتيبات وتمر السبحة.
لهذا تركز تقاريرها على البحرين بصفحات، وتتغاضى عن الآخرين وتضن عليهم حتى بالسطر!!
أعضاء الحزب يحرصون على إبراز علاقتهم الوطيدة مع الدوائر الأمريكية إعلامياً، فهم يعتقدون أن ذلك يشكل ضغطاً على النظام من أجل إخافته وإضعافه، التهديد بوقف صفقات الأسلحة، التهديد بسحب الأسطول ولو من باب إطلاق الشائعات، كلها وسائل ضغط من أجل تمكين حزب سياسي معين لا من أجل الديمقراطية ولا من أجل الإصلاح السياسي.
الاثنان يعملان على تمكين أعضاء الوفاق لا تمكين الديمقراطية، ليكن هذا الفرق واضحاً لدى الجميع بما فيهم لدى أقطاب الحكم الذين يعتقدون أننا نقف ضد الإصلاح السياسي أو ضد التطور الديمقراطي، فالشكل الذي يصر عليه الاثنان (الوفاق وأمريكا) والتوقيت الذي يصران عليه يوضح الفرق بين الاثنين.
التوافق الوطني البحريني أخطر ما يواجه المخطط الأمريكي الإيراني، تماسك الجبهة الداخلية أكثر ما يعرقل مخططهم رغم أن الوفاق ستظل حجراً يعرقل هذا التوافق إلا أن تزايد الوعي اليوم عند الشعب البحريني حجّم الوفاق وأثرها.
ولتعلم الولايات المتحدة الأمريكية ودماها التي تحركهم؛ صحيح أن البحرين دولة صغيرة، لكنها دولة قاومت على مدى تاريخها إمبراطوريات عظمى وخرجت منتصرة، واليوم تواجه البحرين الدولة الصغيرة دولة عظمى كأمريكا، وتقوم نيابة عن بقية دول مجلس التعاون بتحمل العبء الأكبر في مواجهة مخطط التقسيم الإيراني الأمريكي، وتتحرك على عدة جبهات لوقف هذا المخطط ومنع تلك الترتيبات.
فهناك تحرك دولي ناجح بدأ يؤتي ثماره على صعيد الدوائر الرسمية ودوائر المنظمات الدولية، وتحرك على مستوى دول الخليج للإسراع بقيام الاتحاد الخليجي، وتحرك على المستوى العربي، وكلها تحركات رسمية وشعبية أثمرت موقفاً مسانداً للبحرين وقناعة بما تخططه الولايات المتحدة الأمريكية لها.
وهناك تحرك محلي تقوم به البحرين بجهود رسمية وشعبية في سبيل تماسك الجبهة الداخلية، هو الآخر بدأ يؤتي ثماره؛ فالبحرين اليوم كلها سنتها شيعتها في مواجهة الخونة، وفي مواجهة الحزب الذي ارتضى أن يكون حصاناً لطرواده، ويكون أداة ولعبة ورقة وقفازاً تستخدمه الإدارة الأمريكية والنظام الإيراني في إعادة رسم المنطقة حسب مصالح هاتين الدولتين.
رجال الأمن جبهة داخلية قوية نجحوا والحمد لله في كشف المزيد من الخلايا الإرهابية، وكشف حجم التهديد الذي كان محيطاً بالبحرين، تهديد لا يمكن أن يقف عند هؤلاء الدمى بل تهديد تقف وراءه دول ومنظمات إرهابية.
تماسك الجبهة البحرينية الداخلية وحده الذي سيهزم هذا المخطط، تمسكنا بالدستور صيانة للجبهة، تمسكنا بدولة القانون والمؤسسات صيانة للجبهة، تطبيقنا للقانون وعدم التدخل في القضاء ووقف العمل بأحكامه صيانة للجبهة، عدم رضوخ النظام السياسي لضغوط تدفعه لتجاوز القانون وتجاوز القضاء وتجاوز الدستور صيانة للجبهة.
إعادة اللحمة الوطنية وعزل ذلك الحزب صيانة للجبهة، فلا نجامل أعضاءه ولا نرضخ لهم ولا نضعف، البحرين كانت ومازالت قادرة على صد العديد من المخططات الاستعمارية رغم صغرها ورغم كونها بلداً متعدد المذاهب من مئات السنين، ولم يكن المذهب يوماً عاملاً مفرقاً.. فلا نرضخ اليوم لهذا الحزب وأربابه ونمنحهم الفرصة الذهبية التي حلموا بها وخططوا لها.
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} صدق الله العظيم.