دولة لا تضع الأكفاء والأقوياء في المناصب الهامة والحساسة التي تحتاج لإخلاص وعمل دؤوب، ولا تحاسبهم على الزلات، ولا تقيلهم على المصائب التي هي موثقة ضدهم في تقارير ديوان الرقابة كما هو حالنا في البحرين. بالتالي، أنتوقع تحقيق الإنجازات والنجاح في تحقيق الأهداف التي تخدم الوطن والمواطن؟!
أي دولة تريد تحقيق الأهداف التي تضعها في استراتيجيتها عليها أولاً أن توفر “الفريق” أو الطاقم التنفيذي الذي يمكنه تحقيق هذه الأهداف، وعليها بموازاة ذلك محاسبة المقصر، وإبدال الضعيف بالقوي.
لدينا وزراء يحتاجون لـ«خلع” مثلما يخلع الضرس المسوس من الفم، ولسنا نتجنى هنا، بل تقارير الرقابة الإدارية والمالية تثبت بأن هناك قطاعات بات الفساد شعاراً لها، والمسؤول الأول والأخير هو رأس الهرم، ولا يُقبل أن تلقى باللائمة على من دونه بحيث يعفى هو من المسؤولية، فلو كان متيقظاً منتبهاً حريصاً على المحاسبة والمراقبة لما حصلت الأخطاء.
تخيلوا لو أننا طوال 8 سنوات، أي منذ صدور تقارير ديوان الرقابة المالية، كانت الدولة ومعها السلطة التشريعية تعملان معاً على إبدال كل مخل بأداء مهامه، وكل مفسد، وكل مستهتر، هل كنا سنجد حجم التقرير يتضخم بهذا الشكل؟! هل كان المال العام سيهدر بالملايين التي نراها توثق في التقارير؟! وهل كان تعامل كبار المسؤولين مع المشاكل والأمور سيكون باستهتار كما يحصل من بعضهم؟!
توجيهات جلالة الملك يوم أمس حينما ترأس جلسة مجلس الوزراء، توجيهات طيبة وترتقي لطموح المواطنين وتهدف لصالح البلد، لكن كيف يمكن تحقيقها لو كان لدينا “منفذون” دون المستوى، أو مسؤولون لا تهمهم سوى مصالحهم، ولأنهم لا يحاسبون بقسوة وشدة فإن الاستهتار شعارهم؟!
سمو رئيس الوزراء من جانبه يؤكد دوماً على الدور المطلوب أن يلعبه المسؤولون وضرورة تواصلهم الدائم، لكن هناك من كبار المسؤولين يسمع الكلمة من “الأذن اليمين” ويخرجها على الفور من “الأذن الشمال”، ونقول ذلك لأن التغيير والتطوير يتطلب “أفعال”، ونحن مللنا من كثير من وزرائنا ومسؤولينا لأننا لا نرى غير “الأقوال”، ولا نرى قوتهم إلا في الردود على الصحافة حينما تنتقدهم. أرونا قوتكم في عملكم وفي قدرتكم على التغيير.
ومع ذلك نقول بأن التساهل مع كبار المسؤولين هو من يدفع بعضهم –إلا من رحم ربي- للتعامل مع المنصب وكأنه “تكريم” أو “ترفيه” أو “ترضية” أو “تأمين مستقبل”، في وقت هذا المنصب هو مسؤولية تجاه المجتمع وتجاه المواطنين، ويفترض بصاحبه أن يكون أكثر شخص يُحاسب من الدولة إن قصر أو أهمل.
حتى تقوى الدولة عليها أن تعتمد على الأقوياء والمخلصين والأكفاء، عليها أن تضع في المناصب من هم قادرون على إحداث التغيير، من يتواصل مع الناس لا أولئك الذين ينظرون للناس من فوق أبراج عاجية، من يدركون حجم المسؤولية وإن أخطأوا كانوا هم المتقدمون باستقالاتهم لا كما يحصل لدينا، الوزير أو المسؤول غارق في الأخطاء والفساد من رأسه حتى قدميه، لكن مع ذلك يظل متشبثاً بالكرسي بيده وأسنانه وأظافره وكأنه ورث ورثه عن كابر.
لا أدري، لماذا الدولة لا تضرب بقوة على يد كل من يخطئ وكل من يستهتر؟ لا أستوعب بأن ما تتضمنه 8 تقارير أو أكثر لديوان الرقابة المالية من “بلاوي” لا تستدعي إقالة وزير هنا أو استجواب آخر هناك، أو محاسبة بعض من المسؤولين.
إن كانت الفكرة سائدة بأن إقالة وزير بسبب أخطاء وتجاوزات وضعف أداء هي تعني عدم حصافة من أصحاب القرار في منحه الثقة، فإن هذه فكرة مغلوطة، إذ من يمنح الثقة لا يلام إن كان “ممنوح الثقة” ليس أهلاً لهذه الثقة، وإن كان من أولئك الذين تغيرهم الكراسي والمناصب بين ليلة وضحاها. والله نعرف أناساً كانوا بسطاء ومتواضعين، تحولوا إلى مسؤولين كبار فصاروا يتعاملون مع الناس بـ«علو”، بل حتى مجالس أصحابهم باتوا يحضرونها بـ«البشت” والسائق ينتظر بالسيارة في الخارج! هذه النوعية من المسؤولين “خلوهم في البيت” أحسن لهم وللدولة وأرحم للناس.
قيادتنا بالأمس أشادت بدور الصحافة الناقدة بهدف البناء، ونحن هنا ننتقد من واقع حبنا لهذه البلد، ومن منطلق رفضنا لاستمرار منح الفرص تلو الفرص لمسؤولين وأشخاص ليلعبوا بمقدرات القطاعات في البلد بسبب هزال أدائهم وضعفهم أو بسبب تغير مسار البوصلة لديهم من العمل لأجل الوطن والناس إلى العمل من أجل أنفسهم وحواشيهم.
استعينوا بالقوي الأمين وأهل الخبرة والكفاءة، وحاسبوا من يقصر ومن يخطئ.
والله لن نلوم الدولة لو أقالت كل يوم وزيراً على أخطائه أو ضعف أدائه، بل سنشيد بها لأنها حريصة على المحاسبة وعلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لكننا سنلومها إن ظلت ترى الأخطاء أمام أعينها، وإن ظلت تعرف أن فلاناً وعلاناً ليسوا أهلاً للمسؤولية لكن مع ذلك يظلون بمواقعهم، ومن يتضرر إزاء ذلك هو الوطن والمواطن.
الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو القوي الذي أعز الله به الإسلام وفتح به بلاد الشرق والغرب، قال: “خير لي أن أعزل كل يوم والياً، من أن أبقي ظالماً ساعة نهار”.
الدولة القوية هي التي تعتمد على الأقوياء، وعلى أصحاب الضمائر الحية وعلى الكفاءات، فيزيدون قوتها قوة، ويزيدون إنجازاتها إنجازات.
أي دولة تريد تحقيق الأهداف التي تضعها في استراتيجيتها عليها أولاً أن توفر “الفريق” أو الطاقم التنفيذي الذي يمكنه تحقيق هذه الأهداف، وعليها بموازاة ذلك محاسبة المقصر، وإبدال الضعيف بالقوي.
لدينا وزراء يحتاجون لـ«خلع” مثلما يخلع الضرس المسوس من الفم، ولسنا نتجنى هنا، بل تقارير الرقابة الإدارية والمالية تثبت بأن هناك قطاعات بات الفساد شعاراً لها، والمسؤول الأول والأخير هو رأس الهرم، ولا يُقبل أن تلقى باللائمة على من دونه بحيث يعفى هو من المسؤولية، فلو كان متيقظاً منتبهاً حريصاً على المحاسبة والمراقبة لما حصلت الأخطاء.
تخيلوا لو أننا طوال 8 سنوات، أي منذ صدور تقارير ديوان الرقابة المالية، كانت الدولة ومعها السلطة التشريعية تعملان معاً على إبدال كل مخل بأداء مهامه، وكل مفسد، وكل مستهتر، هل كنا سنجد حجم التقرير يتضخم بهذا الشكل؟! هل كان المال العام سيهدر بالملايين التي نراها توثق في التقارير؟! وهل كان تعامل كبار المسؤولين مع المشاكل والأمور سيكون باستهتار كما يحصل من بعضهم؟!
توجيهات جلالة الملك يوم أمس حينما ترأس جلسة مجلس الوزراء، توجيهات طيبة وترتقي لطموح المواطنين وتهدف لصالح البلد، لكن كيف يمكن تحقيقها لو كان لدينا “منفذون” دون المستوى، أو مسؤولون لا تهمهم سوى مصالحهم، ولأنهم لا يحاسبون بقسوة وشدة فإن الاستهتار شعارهم؟!
سمو رئيس الوزراء من جانبه يؤكد دوماً على الدور المطلوب أن يلعبه المسؤولون وضرورة تواصلهم الدائم، لكن هناك من كبار المسؤولين يسمع الكلمة من “الأذن اليمين” ويخرجها على الفور من “الأذن الشمال”، ونقول ذلك لأن التغيير والتطوير يتطلب “أفعال”، ونحن مللنا من كثير من وزرائنا ومسؤولينا لأننا لا نرى غير “الأقوال”، ولا نرى قوتهم إلا في الردود على الصحافة حينما تنتقدهم. أرونا قوتكم في عملكم وفي قدرتكم على التغيير.
ومع ذلك نقول بأن التساهل مع كبار المسؤولين هو من يدفع بعضهم –إلا من رحم ربي- للتعامل مع المنصب وكأنه “تكريم” أو “ترفيه” أو “ترضية” أو “تأمين مستقبل”، في وقت هذا المنصب هو مسؤولية تجاه المجتمع وتجاه المواطنين، ويفترض بصاحبه أن يكون أكثر شخص يُحاسب من الدولة إن قصر أو أهمل.
حتى تقوى الدولة عليها أن تعتمد على الأقوياء والمخلصين والأكفاء، عليها أن تضع في المناصب من هم قادرون على إحداث التغيير، من يتواصل مع الناس لا أولئك الذين ينظرون للناس من فوق أبراج عاجية، من يدركون حجم المسؤولية وإن أخطأوا كانوا هم المتقدمون باستقالاتهم لا كما يحصل لدينا، الوزير أو المسؤول غارق في الأخطاء والفساد من رأسه حتى قدميه، لكن مع ذلك يظل متشبثاً بالكرسي بيده وأسنانه وأظافره وكأنه ورث ورثه عن كابر.
لا أدري، لماذا الدولة لا تضرب بقوة على يد كل من يخطئ وكل من يستهتر؟ لا أستوعب بأن ما تتضمنه 8 تقارير أو أكثر لديوان الرقابة المالية من “بلاوي” لا تستدعي إقالة وزير هنا أو استجواب آخر هناك، أو محاسبة بعض من المسؤولين.
إن كانت الفكرة سائدة بأن إقالة وزير بسبب أخطاء وتجاوزات وضعف أداء هي تعني عدم حصافة من أصحاب القرار في منحه الثقة، فإن هذه فكرة مغلوطة، إذ من يمنح الثقة لا يلام إن كان “ممنوح الثقة” ليس أهلاً لهذه الثقة، وإن كان من أولئك الذين تغيرهم الكراسي والمناصب بين ليلة وضحاها. والله نعرف أناساً كانوا بسطاء ومتواضعين، تحولوا إلى مسؤولين كبار فصاروا يتعاملون مع الناس بـ«علو”، بل حتى مجالس أصحابهم باتوا يحضرونها بـ«البشت” والسائق ينتظر بالسيارة في الخارج! هذه النوعية من المسؤولين “خلوهم في البيت” أحسن لهم وللدولة وأرحم للناس.
قيادتنا بالأمس أشادت بدور الصحافة الناقدة بهدف البناء، ونحن هنا ننتقد من واقع حبنا لهذه البلد، ومن منطلق رفضنا لاستمرار منح الفرص تلو الفرص لمسؤولين وأشخاص ليلعبوا بمقدرات القطاعات في البلد بسبب هزال أدائهم وضعفهم أو بسبب تغير مسار البوصلة لديهم من العمل لأجل الوطن والناس إلى العمل من أجل أنفسهم وحواشيهم.
استعينوا بالقوي الأمين وأهل الخبرة والكفاءة، وحاسبوا من يقصر ومن يخطئ.
والله لن نلوم الدولة لو أقالت كل يوم وزيراً على أخطائه أو ضعف أدائه، بل سنشيد بها لأنها حريصة على المحاسبة وعلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لكننا سنلومها إن ظلت ترى الأخطاء أمام أعينها، وإن ظلت تعرف أن فلاناً وعلاناً ليسوا أهلاً للمسؤولية لكن مع ذلك يظلون بمواقعهم، ومن يتضرر إزاء ذلك هو الوطن والمواطن.
الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو القوي الذي أعز الله به الإسلام وفتح به بلاد الشرق والغرب، قال: “خير لي أن أعزل كل يوم والياً، من أن أبقي ظالماً ساعة نهار”.
الدولة القوية هي التي تعتمد على الأقوياء، وعلى أصحاب الضمائر الحية وعلى الكفاءات، فيزيدون قوتها قوة، ويزيدون إنجازاتها إنجازات.