نبارك للأمة العربية والإسلامية وللشعب البحريني خصوصاً، قرب حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا بالخير واليُمن والبركات، سائلين المولى العلي القدير أن يصلح حالنا، وييسر لنا أمورنا لصالح الأعمال.
شهر رمضان الكريم، فرصة لا تعوض، فهو إضافة إلى كونه شهر للمغفرة والرحمة والتقرب إلى الله تعالى، فهو أيضاً شهر الحب والتسامح والسلام والعفو والتآخي.
إن رمضان المبارك يعدُّ من أفضل الشهور والمناسبات الإسلامية على الإطلاق، إذ يستطيع فيها المسلم أن يقترب من أخيه المسلم، لإزاحة كل الأضغان والأحقاد وكل شوائب النفس، فإذا لم يستطع المسلم معالجة نفسه ومعالجة قضاياه المجتمعية المتعلقة بالتسامح والصفح وغيرها من قضايا الأدب الاجتماعي في الشهر الفضيل، لن يستطيع فعل ذلك في بقية الشهور الأخرى، لأن رمضان يتمتع بمميزات خاصة لا يمكن أن نتجاهلها كمسلمين، أو حتى من المعيب عدم استغلالها للصالح العام.
إن من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها مع اقتراب موعد دخول الشهر الفضيل، هو أهمية إحياء المجالس الرمضانية، والتزاور بين كافة أفراد وأبناء المجتمع الواحد، وهي عادة بحرينية خالصة، أسسها الأجداد ومضى على هديها الآباء، ومن الضروري أن يحافظ عليها الأبناء.
مجالس البحرينيين في رمضان، ليست للثرثرة الفارغة، أو من أجل تمضية الوقت وقتله، بل هي مجالس للذكر وتناول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تخص وتلامس واقع المجتمع، إنها بالفعل مدارس وليست مجالس.
نحن هنا نريد التركيز على عموم المجالس البحرينية، ونقصد بها المجالس المختلطة والمشتركة بين كافة أبناء الوطن الواحد، دون اللحاظ إلى الدم والعرق والدين والمذهب والطائفة، هذه المجالس، هي التي نشدد على أن تتوفر في كل مناطق البحرين، فهي مجالس صحية، فرغم التنوع الذي تصطبغ به، إلا أنها تحمل هماً واحداً فقط، هو الهم الوطني.
حين تفرض المجالس، نمطاً واحداً في الحضور والانتماء، فإنها ستمارس ذات الدور الذي تمارسه الجمعيات السياسية الطائفية، من تفريقٍ للناس بدل اجتماعهم، وستعزز مفاهيم روح الطوائف بدل روح الألفة والاجتماع والمحبة، كما ستكرس مفهوم المحاصصات الطائفية المجتمعية على حساب مصلحة الوطن.
إن المجالس التي تعنى بالطائفية والحزبية، هي مجالس قليلة جداً عندنا في البحرين، وروادها يعدّون على الأصابع، أما المجالس المدارس، فهي الرائجة في مجتمعنا، إذ تعلِّم الصغار وتربيهم على احترام الآخرين، أما الكبار فإنهم يتحدثون عن ذكرياتهم وعن واقعهم وعن مستقبلهم، باختصار يتحدثون عن الوطن.
أحبتي الأعزاء، كثّفوا من زياراتكم الرمضانية، وفوّتوا الفرصة على كل طائفي مريض. عندما تزورون المجالس المختلطة، تلتقون وتتعانقون وتفضفضون همومكم ومشتركاتكم لبعض، فأنتم تمارسون بحرينيتكم، فهذه كلها ممارسات بحرينية راقية، تكسر الحواجز وتذيب الجليد، وتقرّب البعيد، فمجالسنا مصانع للرجال، ومدرسة للأجيال، فحافظوا على سموها ونقائها لأجل عيون الوطن.