لا يمكن للسياسة ومتعلقاتها وما يحيط بها من أجواء إلا أن تكون معهم جميعاً كالأواني المستطرقة، وحين لا يكون ذلك، فكل شيء يمكن أن يكون سيئاً، لأن موازين المجتمع أحاط بها الفراغ أو النقص، مما يعني أن كل عنصر من عناصر تشكيله وبقائه سيكون متداخلاً مع غيره بقوة عدم وجود ما يحفظ تلك العناصر ويحتويها. بمعنى أوضح؛ حين تمتد الحالة السياسية بفعل غياب القانون الذي يسيِّرها في الاتجاه الصحيح، فإنها سوف تصطدم بالحالة المجتمعية، والأخيرة حين لا يوجد من يسددها نحو الوجهة الحقَّة، فإنها سوف تصطدم بالحالة المعيشية والاقتصادية وهكذا، فمقومات المجتمع البشري إمَّا أن تنهض جميعها أو تسقط جميعها، لهذا مهما حاولنا معالجة مقوم من المقومات، سنكتشف أن هنالك مقومات ما زالت تعاني، ومن هنا يكون حالنا كحال من يحاول أن يملأ جرة كلها ثقوب. وبالبحريني المباشر؛ كلما حاولنا أن (نرقِّع) جانباً نكتشف أن هناك جوانب أخرى تحتاج إلى (ترقيع)!!. أخر خيط من الخيوط التي كنَّا نراهن عليها سقطتْ في شِراك السياسة والطائفية، وبهذا ربما فقدنا آخر القلاع النظيفة التي كنَّا نأمل أن نلجأ إليها حين تشتد الحِرِاب، ألا وهي الرياضة. كنَّا نعتقد أن المجتمع الرياضي والجماهير الرياضية أكبر من أن تنجرّ لمثل تلك الوساوس المذهبية، وكنَّا نؤمن أن الرياضة أأمن الأماكن التي نحتمي بها حين ينفلت عقال السياسيين والطائفيين، لكننا اكتشفنا مؤخراً أنها جُرجِرَت على وجهها في الملاعب والصالات الرياضية، وما الشعارات التي ترفع هنالك اليوم إلا شاهد على ما نقول. في أحد الملاعب الأوروبية هتف أحدهم من بين جماهير إحدى الفرق الرياضية في أعلى المدرجات بهتاف عنصري ضد أحد اللاعبين المُلوَّنين، فأدى هذا السلوك الشخصي إلى تغريم النادي عشرات الآلاف من الدولارات وإنذاره، أما عندنا فكل شيء ممكن أن يحصل من انفلات طائفي في صالاتنا الرياضية وبحضور كل المسؤولين الرياضيين وعلى الهواء مباشرة، وكأنْ لا شيء حدث، هذا يحدث في البحرين!!. يجب أن تكون هنالك قوانين صارمة على كل الجماهير الرياضية وعلى أنديتها، حين يخالف هؤلاء القوانين الأخلاقية للمجتمع. من الضروري بمكان، أنْ لا يكون صمت المؤسسات الرياضية الرسمية هي ردة الفعل الباردة لكل فعل أو شعار ساخن أهوج يسيء إلى أي فرد أو جهة اجتماعية أو دينية أو غيرها، لأن الرياضة المجردة، ليستْ لها علاقة بصراعات الساسة ولا الدينيين ولا أية جهة تريد أن تُفْرِغ شحناتها السلبية في الساحات الرياضية. لو كنتُ رياضياً، أو مسؤولاً يجلس على منصة في الملاعب والصالات الرياضية، أو كنتُ مسؤولا في أحد الأندية، أو كنُت أحد أفراد الجمهور، أو حكماً رياضياً، وسمعتُ أحدهم (وليس كل الجمهور) يرفع شعاراً فتنوياً طائفياً أو سياسياً لأخذت الموقف الذي يمليه عليّ ضميري ووطنيتي. وأقسم أنه إذا كنتُ رياضياً أو مسؤولاً أو أحد أفراد الجمهور فسوف أنسحب فوراً، وإذا كنتُ حكماً رياضياً، سأُوقف المباراة مباشرة وأكتب تقريراً مفصلاً مطالباً فيه بمعاقبة الجمهور والفريق، وإذا كنتُ مسؤولاً في أحد الأندية الرياضية، سأقف في وجه الجمهور لأقول لهم كلمة واحدة فقط.. «عيب عليكم». حافظوا على الرياضة ونقائها، وامنعوا كل الطائفيين من أن يتسللوا إلى ساحاتها وصالاتها وملاعبها، فالرياضة في البحرين، هي أنقى من كل سياسي معتوه أو طائفي قذر، فهل لنا أن نحافظ عليها؟ أو أم ندمرها بأيدينا؟ الأمر بيدنا جميعاً.