هل يمكن لشعب البحرين أن يتخذ مثل هذا القرار؟ هل يمكن الاتفاق بين مختلف الأطراف ذات العلاقة بما يجري في البحرين من أحداث على أن يخصص رمضان للعبادة وطاعة الرحمن وتأجيل مختلف الأنشطة السياسية إلى ما بعد العيد؟ سؤال لعله يدور في بال الكثيرين، فشهر رمضان أساساً هو للعبادة وطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى وله في بلادنا مظاهر جميلة كثيرة. من الناحية العملية لا يمكن التوقف عن الحديث في الشأن السياسي لا في رمضان ولا في غير رمضان بل على العكس ربما يكون لحديث السياسة في رمضان طعم مختلف، حيث من الطبيعي أن يتسيد الموضوع السياسي المجالس الرمضانية بل من الطبيعي أن يكون هذا الموضوع هو الذي ينطلق منه أي اثنين يلتقيان في رمضان أو ينتهيان إليه، فما يجري من أحداث في البحرين تهم كل البحرينيين وبالتالي فإنه لا يمكن التوقف عن الحديث عنها وتبادل وجهات النظر إزاءها وتحديد المواقف فهو من الأمور والموضوعات التي تفرض نفسها. لكن ما هو مأمول من الجميع في رمضان هو استغلال الروحانية التي يوفرها هذا الشهر الكريم للتقارب فيما بيننا وتذويب الجدار الذي صار وفرضته الأحداث والظروف فنحن في كل الأحوال شعب واحد لا يرضى أحدنا على الآخر، والمأمول أن نستغل هذا الشهر الكريم لنبين للعالم أجمع أن الاختلافات والخلافات لا تفسد الود بيينا ولا تشق صفوفنا، فنحن شعب واحد عشنا طوال حياتنا معاً “على الحلوة والمرة” ولا يمكن أن نسمح لأي شيء أن يفرق بيننا أويفرط في استقرارنا. التقارب بين كل “الأفرقة” في رمضان ممكن، وتصافي النفوس ممكن، وهو أمر ليس غريباً على شعب متحضر كشعب البحرين، ولكن أيضاً الموضوع يحتاج إلى مبادرات تسهل تحقق هذا الأمر وتعين عليه. مبادرات من مختلف الأطراف، تلك المحسوبة على “المعارضة”.. ومن الحكومة يمكنها أن تدعم مبادرة كتلة البحرين النيابية التي أعلن عنها أخيراً، فمن دون تلك المبادرات لا يمكن لمحاولة هذه الكتلة أن تجد النجاح حيث الموضوع تجاوز مرحلة إبداء النوايا الحسنة وتبادل الكلمات اللطيفة والمجاملات. إن قراراً حاسماً من قبل الجمعيات السياسية بوقف كافة الأنشطة المتمثلة في التجمعات بأنواعها كالمسيرات والمظاهرات والاعتصامات والتوقف عن الكلام الناقص والبذيء من شأنه أن يحفز الحكومة على الخروج بمبادرة تؤدي إلى تهدئة الوضع في البلاد. كذلك فإن إعلاناً يصدر عن تلك الجهات المؤثرة في الشارع ولها قدرة على تحريكه بالتوقف عن كافة أشكال العنف في رمضان من شأنه أن يقابل بترحاب. الإعلان عن التوقف عن النشاط الميداني في شهر رمضان من قبل الجمعيات السياسية المرخصة وغيرها من العاملة في الميدان سيقابل دون شك بخطوة مماثلة من الحكومة قد يكون بينها سحب الآليات والمظاهر الأمنية في الشوارع وصولاً إلى قرارات تنشر الفرحة بين الجميع ليست غريبة على ملك البلاد. إن شهر رمضان المبارك يستحق منا أن نوفيه حقه كاملاً بتفريغ أنفسنا لتحقيق الغاية منه فهو شهر العبادة وشهر المحبة والتراحم، كما إن هذا الوطن يستحق أن نوفيه حقه بالدخول في مساحة من الهدوء يوفرها بطبيعته فتعود الأحوال إلى سابق عهدها ويقترب الناس من المخارج التي يمكن أن يصلوا عبرها إلى الحلول التي ترضي الجميع فيتفرغ الصغير والكبير للبناء ولتعويض الفترة التي ضاعت وتسببت في تعطيل المسيرة. رب قائل إن هذا حلم غير قابل للتحقق، أجيبه بأنه بالفعل حلم ولكنه قابل للتحقق لأن الحديث هنا عن شعب متحضر اسمه شعب البحرين ليس غريباً عليه الوفاء بحق شهر رمضان.. والوفاء بحق الوطن.