ليس مفاجئاً أبداً أن تقوم جمعية التربية الإسلامية ممثلة في الشيخ عادل المعاودة بإطلاق تصريح، وأن ترد عليها الجمعية الإسلامية بتصريح مضاد، وربما تدخل “المنبر” على الخط غداً وبقية الجمعيات التي نسمع عنها ولا نرى آثارها، وأنت جالس في بيتك تتصفح الجرائد وتتابع جولات التصريحات والاتهامات لا تدري أتضحك أم تبكي؟! هذا ما يطلق عليه شر البلية، يوم يقولون لك وحدة وطنية فتحلم وتسرف في الأحلام وتنام على أمل أنك أخيراً أصبح لك صوت في وطنك، وهناك من يحمل همك ويشاركك مخاوفك وإن الموازين المختلة ستنضبط أخيراً، ثم يوقظونك في الفجر ويدخلونك محرقة الأحلام؛ فهم يحملون هم الجماعة، وأنت لست من الجماعة ولا أحدهم من جماعة الآخر، عدنا من حيث بدأنا، عدنا للشتات، حتى اليهود استقروا أما نحن فمكتوب علينا الشتات، كل حزب بما لديهم فرحون.
أحاول إدراك فروق بين المتعصب لمذهب أو لطريقة أو لجماعة من جماعات الدين وبين البعثي مثلاً، ومن الصعب إيجاد فروقات؛ فالاثنان يعمل كل منهما لمصلحته ولحزبه ولفكره، وفي أحسن الأحوال يضع الوطن في المرتبة التالية للحزب والجماعة، وأخشى أننا نصل بالبحرين إلى هذا المستوى؛ التحزبات والمحاصصات والتقسيمات والتحالف على أساس المصلحة والاختصام على الغنائم، سواء بين القوى السنية أو بين القوى التي تفرض وصايتها على الطائفتين، نحن في طريق تعزيز الخلاف ولا نملك أدنى مهارات التعامل مع الاختلافات، ولا حتى الرغبة في التعلم.
هل تعلمون كم خسارة تكبدها الوطن بسبب الخلافات؟! ألا يكفي ما تفعله الوفاق بنا؟! ألا تعلمون أن الوطن لم يخرج بعد من محنة 14 فبراير ولا زال يخضع لجراحات ترقيعية في ظل التخبط واستشراء الفساد؟! ألا تدركون أن مكتسبات هائلة ضاعت علينا بسبب وقفاتكم. أما المتأخرة أو المتخاذلة أو بسبب التضارب في المصالح؟! والأدهى والأمرّ بيان الإسلامية الأخير الذي يتهم التربية بالتعصب لنظرة واحدة للدين، بدأنا أيضاً بمناقشة الفوارق الفلسفية والفكرية المتعلقة بالدين، هل هذا وقته؟ أهذا ما يأمركم به دينكم؟ التفرق وتشتت المواقف والتعصب بدلاً من رأب الصدع وتقريب المسافات والعمل لأجل الناس صفاً واحداً.
أتدركون كيف أسهمتم في حالة الإحباط التي يعيشها الشارع السني، أتدركون كم كان الشارع بحاجة لكم فيما كنتم -الجمعيات الثلاث تحديداً- تختصمون ويعلم الله ما كنتم تختصمون لأجله، أتدركون كم يشعر الشارع السني بالخذلان وأنتم أحد الأسباب، حقيقة لا أفهم لماذا تبرعتم بتمثيل الشعب إن كنتم غير قادرين حتى على حل خلافاتكم الداخلية، كيف تظنون أن الشارع الذي رأى فيكم الخلاص والمنقذ سيمنحكم ثقته بعد أن فرح بلم الشتات وحلم بتعويض ما فاته ثم عدتم لنغمة نفسي نفسي وآثرتم الفرقة وبدأتم بنشر غسيلكم على ورق الصحف، وهو والله غسيل لا يجب أن يعرض وكلام لا يصح أن يقال.
نحن نرفض تصريحات رؤساء وأعضاء الجمعيات السنية التي تضع الشعب في مواجهات جدلية لا نهاية لها، نحن نرفض أصلاً تقسيم الوطن والدين إلى سنة وشيعة ونمقت كل التقسيمات التي ما أنزل الله بها من سلطان وكلها من صنع البشر، فما بالكم بجمعيات من مذهب واحد كل منها تقدم مصالحها وفلسفتها الدينية وأجندتها على المشروع الوطني، أو الأسوأ من ذلك أن تختلف بسبب مصالح آنية وتتخلى عن الفاتح ومستقبله والمسؤولية التاريخية ومصائر البشر الذين وضعوا ثقتهم في أناس منهم ظنوا أنهم الأكفأ والأعقل، وأنهم على قدر المسؤولية، هذه التصريحات الأخيرة أسقطت ورقة التوت، لم تعد الجمعيات حتى تخجل.. بصراحة فشلتونا