كلمة أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية الشيخ علي سلمان في مأتم بن خميس بالسنابس الأسبوع الماضي احتوت كثيراً من الأمور اللافتة؛ لعل أبرزها قوله “علينا أن نتذكر التوبة ونعيش أجواء العبادة في هذا الشهر وعلينا أن نستفيد من كل ساعة من ساعات هذا الشهر والتواصل بيننا”. أما اللافت في هذا القول فهو أنه يحمل النقيضين في آنٍ، فهو في أحد وجهيه رسالة إلى كل من يحاول إبعاد شهر الله عن مساره بإحداث الفوضى وحرق الإطارات وحجز الشوارع وإلقاء زجاجات المولوتوف والحجارة للتوقف عن هذه السلوكيات الضارة وإن على استحياء. لكنه في وجهه الآخر يحمل دعوة إلى عدم التوقف عن ممارسة تلك السلوكيات بتأكيد ضرورة الاستفادة من هذا الشهر والتواصل، وهو ما يؤيد أقواله التي يمكن الإطلاع على تفاصيلها والتي حاول من خلالها تأكيد مواقف الوفاق وملخصها أن الحراك لن يتوقف وأن “النصر” آت!
إن كانت الوفاق تريد دعوة الشباب إلى التوقف عن تلك الممارسات السالبة فإن عليها أن تدعوهم بوضوح شديد وبشجاعة، فتقول إن عليكم يا شباب أن تتوقفوا عن تلك الممارسات وإلا رفعنا عنكم الغطاء ولن نبارككم! أي أن تتخذ موقفاً لا لبس فيه، لأنها بهذا الشكل الذي تبدو فيه بين البينين ستظل معرضة للنقد الشديد من قبل المعتدلين ومن قبل المتطرفين أيضاً.
موقف الوفاق من تطورات الأحداث وما يجري في الشارع من سلوكيات سالبة غير مفهوم، فهي في الوقت الذي تدعو فيه الشباب إلى الاستفادة من ساعات شهر رمضان للعبادة تتغاضى عن سلوكياتهم تلك، وتبدو مؤيدة لهم، على الأقل لكونها لا تدينها بل تدعو إلى دعمها بطريقة أو بأخرى كدعوتها إلى الخروج في خمس وعشرين مسيرة في أول رمضان.
لا بد للوفاق من موقف واضح ليتمكن الآخرون من الوثوق فيها ومن ثم العمل معها بغية الوصول إلى حل لهذه الأزمة التي ستستمر طالما أن المواقف غير واضحة والثقة مفقودة، لا بد أن تقول الوفاق للأسود أسود، وتقول للأبيض أبيض، وللصح صح وللخطأ خطأ.
إن أرادت الوفاق أن تنال ثقة الأطراف الأخرى ذات العلاقة فإن عليها أن تكون واضحة وتعلن أنها مع هذا التصرف أو ضده ومع هذا الرأي أو ضده. مع الشباب في تصرفاتهم اللامسؤولة أو ضدهم، لا ينفعها محاولة إمساكها العصا من الوسط، عليها أن تكون هكذا أو هكذا، مع التخريب أو ضده، مع الشباب في تعطيلهم لحياة الناس أو ضدهم.
فغير مقبول أبداً انتقاد بعض السلوكيات الخاطئة من قبل الشباب وفي نفس الوقت استقبالهم وهم مرتدو الأكفان، وغير مقبول أبداً توجيه أقسى أنواع النقد للحكومة وفي نفس الوقت التغاضي عن أخطاء الشباب وتبريرها، وكذلك غير مقبول أبداً الدعوة إلى الحوار وفي نفس الوقت الدعوة إلى عدم التوقف عن التحرك الميداني والضغط على الحكومة.
هذه التناقضات التي تعيشها الوفاق لا بد من وضع حد لها لتحصل على ثقة الأطراف الأخرى ولتتمكن من فعل شيء إيجابي يحفظ لها دورها واسمها، أما السكوت عن الشباب الذي تقول إنها تقوده وتتحكم فيه فيعتبر دعماً له وتأييداً وإصراراً منها على مواصلة الخطأ.
لو كانت الوفاق ضد سلوكيات الشباب المعطلة للحياة والمؤثرة سلباً على الاقتصاد، فإن عليها أن تعلن موقفها بوضوح وتقول إنها ضد تلك السلوكيات وتؤكد ذلك بالعمل الواضح، فمن دون ذلك الوضوح في الموقف ومن دون العمل المؤكد لموقفها ستظل الوفاق خارج دائرة الثقة ويظل قادتها دون القدرة على إقناع المعنيين بأنهم يسعون مع الآخرين للتوصل إلى حل يرضي الأطراف كافة.