في رحلة بالخارج أردت أن استمتع بنسائم المساء ففتحت نافذة حجرتي بالفندق، فوجئت بعد لحظات بطائر أسود يحوم بسرعة كبيرة وبصورة متخبطة في سقف الحجرة، لا أطيل عليكم اتضح أنه خفاش، وعلى عكس الصورة الذهنية التي بمخيلتي عن هذا الحيوان الذي انتظرت منه أن يقتلني ويقتل كل من في الفندق ويمتص دماءنا ويطلق ضحكة مخيفة ويطير، فقد سقط على الأرض بعد دقائق ربما مصاباً بسكتة قلبية فعلى عكس سمعته الجبارة فالخفاش انطوائي وجبان.
لطخت هوليوود سمعة الخفاش وجعلت منه بطلاً لأفلام الرعب، في حين أنه حيوان وديّ غير مؤذٍ، يتغذى في الغالب على الرحيق واللقاح والفواكه والحشرات، يعني معظم فصائله نباتية، وتوجد أنواع شبه نادرة هي التي تتغذى على الحيوانات الصغيرة والدماء، والخفافيش محبوبة جداً في الصين واليابان، واتخذ منها الفنانون الشرقيون رموزاً للحظ الطيّب والسعادة والخلود. المهم نعود للب الموضوع؛ بالله عليكم هل تجوز تسمية جهاز في دولة باسم خفافيش؟
نعلم أن الحراك بحاجة إلى إبداعات وشعارات جديدة كل يوم، ونعلم أن هذه الحملات والشعارات بمثابة جهاز الإنعاش في هذه المرحلة المائعة التي لا نعرف هل هي امتداد لحرب شوارع أم مباحثات ثنائية أم الاثنان معاً، لكن “خفافيش”!! تلطيخ سمعة جهاز كامل من أجهزة الدولة، هل هذا إنجاز؟ أم أنه تسطيح للمشهد الأمني الغرض منه إخفاء معالم الجرائم التي ترتكب بقصد وعمد ضد رجال الأمن والتركيز الكامل على ممارسات بعض عناصر الأمن لتشويه صورة جهاز الأمن، هذا غير واقعي فضلاً عن كونه استهدافاً ينطوي على ظلم.
هناك انتهاكات يجب محاسبة مرتكبيها، وهناك تعويضات يجب أن تؤدَّى لأصحابها، نحب كلنا أن نعيش في دولة ترعى الحق وأن تكون حكومتنا ملتزمة بواجباتها تجاه كل مواطن ولو على نفسها، وهذا ليس جديداً فقد سلكنا هذا الدرب في استدعاء لجنة بسيوني والاعتراف بالأخطاء وهذا هو الدرب الصحيح بلاشك، لكن في الوقت نفسه هناك جرائم مثبتة بحق رجال الأمن أيضاً لم يُحاسب مرتكبوها، ومنها قضايا الاختطاف والدهس التي مازالت تراوح مكانها حتى اليوم، عادي جداً أن ترى صوراً لرجال الأمن يهرولون هاربين وثيابهم مشتعلة ومن ورائهم ملثمون يرمونهم بـ«المولوتوف”.
ذات مرة شاهدت بنفسي رجال الأمن واقفين بسلام على شارع خليفة بن سلمان ولم يقوموا بالتعدي على أحد وأُمطروا بـ«المولوتوف”، حتى رجل الأمن من الطائفة نفسها لم يسلم من العدوان وإحراق منزله والتعدي على ممتلكاته مراراً لمجرد أنه منتسب للداخلية.
المشكلة.. يقولون المعالجة يجب أن تكون سياسية وليست أمنية، ويهجون “الداخلية” في أدبياتهم وينعتونها بأبشع النعوت، هل هم مستعدون لتهيئة أرضية الحل السياسي؟ لا.. هل سيجمّدون العنف الميداني لحين التوصل لحل سياسي؟ لا.. ما العمل إذاً؟ تنسحب عربات “الداخلية” من الشوارع وتتركها للمراهقين ويشرع استعمال “المولوتوف” طالما بأسلوب سلمي؟ “الشوزن” محرّم دولياً ومسيل الدموع يقتل وربما تم تحريمه دولياً هو الآخر، فماذا عن “المولوتوف” وقاذفات الأسياخ وغيرها من أدوات “الوفاق” السلمية؟ فما السلاح الذي تفترضون أن تستخدمه الدولة في مواجهة الفوضى؟ لا أظن الهراوات ورذاذ الفلفل خيارات مناسبة أمام الحديد والنار والعقول المبرمجة على القتل، هل على “الداخلية” أن تسلح عناصرها بـ«المولوتوف” والأسياخ و«السلندرات”؟.. أفتونا..
يمكن تفهم المطالبة بمحاسبة عناصر الأمن الذين يتجاوزون صلاحياتهم أو ينتهكون الحقوق، ولابد من التحقيق ومحاسبة المتورطين فهذه مرحلة من العلاج لا يمكن تجاوزها بأي حال وكذلك هي ضرورة لصون أجهزة الأمن والحفاظ على رسالتها في تأمين حياة وحرمات المواطنين، إلا أن التعامل مع الأخطاء والتجاوزات يجب أن يكون في الإطار الشامل؛ مراقبة ومحاسبة رجال الأمن فرض على الدولة، لكن لو جئنا للفرض والمفروضات؛ فمن أهم فروضها أيضاً استتباب الأمن والسيطرة على استخدام “المولوتوف” وكافة أشكال السلاح
{{ article.visit_count }}
لطخت هوليوود سمعة الخفاش وجعلت منه بطلاً لأفلام الرعب، في حين أنه حيوان وديّ غير مؤذٍ، يتغذى في الغالب على الرحيق واللقاح والفواكه والحشرات، يعني معظم فصائله نباتية، وتوجد أنواع شبه نادرة هي التي تتغذى على الحيوانات الصغيرة والدماء، والخفافيش محبوبة جداً في الصين واليابان، واتخذ منها الفنانون الشرقيون رموزاً للحظ الطيّب والسعادة والخلود. المهم نعود للب الموضوع؛ بالله عليكم هل تجوز تسمية جهاز في دولة باسم خفافيش؟
نعلم أن الحراك بحاجة إلى إبداعات وشعارات جديدة كل يوم، ونعلم أن هذه الحملات والشعارات بمثابة جهاز الإنعاش في هذه المرحلة المائعة التي لا نعرف هل هي امتداد لحرب شوارع أم مباحثات ثنائية أم الاثنان معاً، لكن “خفافيش”!! تلطيخ سمعة جهاز كامل من أجهزة الدولة، هل هذا إنجاز؟ أم أنه تسطيح للمشهد الأمني الغرض منه إخفاء معالم الجرائم التي ترتكب بقصد وعمد ضد رجال الأمن والتركيز الكامل على ممارسات بعض عناصر الأمن لتشويه صورة جهاز الأمن، هذا غير واقعي فضلاً عن كونه استهدافاً ينطوي على ظلم.
هناك انتهاكات يجب محاسبة مرتكبيها، وهناك تعويضات يجب أن تؤدَّى لأصحابها، نحب كلنا أن نعيش في دولة ترعى الحق وأن تكون حكومتنا ملتزمة بواجباتها تجاه كل مواطن ولو على نفسها، وهذا ليس جديداً فقد سلكنا هذا الدرب في استدعاء لجنة بسيوني والاعتراف بالأخطاء وهذا هو الدرب الصحيح بلاشك، لكن في الوقت نفسه هناك جرائم مثبتة بحق رجال الأمن أيضاً لم يُحاسب مرتكبوها، ومنها قضايا الاختطاف والدهس التي مازالت تراوح مكانها حتى اليوم، عادي جداً أن ترى صوراً لرجال الأمن يهرولون هاربين وثيابهم مشتعلة ومن ورائهم ملثمون يرمونهم بـ«المولوتوف”.
ذات مرة شاهدت بنفسي رجال الأمن واقفين بسلام على شارع خليفة بن سلمان ولم يقوموا بالتعدي على أحد وأُمطروا بـ«المولوتوف”، حتى رجل الأمن من الطائفة نفسها لم يسلم من العدوان وإحراق منزله والتعدي على ممتلكاته مراراً لمجرد أنه منتسب للداخلية.
المشكلة.. يقولون المعالجة يجب أن تكون سياسية وليست أمنية، ويهجون “الداخلية” في أدبياتهم وينعتونها بأبشع النعوت، هل هم مستعدون لتهيئة أرضية الحل السياسي؟ لا.. هل سيجمّدون العنف الميداني لحين التوصل لحل سياسي؟ لا.. ما العمل إذاً؟ تنسحب عربات “الداخلية” من الشوارع وتتركها للمراهقين ويشرع استعمال “المولوتوف” طالما بأسلوب سلمي؟ “الشوزن” محرّم دولياً ومسيل الدموع يقتل وربما تم تحريمه دولياً هو الآخر، فماذا عن “المولوتوف” وقاذفات الأسياخ وغيرها من أدوات “الوفاق” السلمية؟ فما السلاح الذي تفترضون أن تستخدمه الدولة في مواجهة الفوضى؟ لا أظن الهراوات ورذاذ الفلفل خيارات مناسبة أمام الحديد والنار والعقول المبرمجة على القتل، هل على “الداخلية” أن تسلح عناصرها بـ«المولوتوف” والأسياخ و«السلندرات”؟.. أفتونا..
يمكن تفهم المطالبة بمحاسبة عناصر الأمن الذين يتجاوزون صلاحياتهم أو ينتهكون الحقوق، ولابد من التحقيق ومحاسبة المتورطين فهذه مرحلة من العلاج لا يمكن تجاوزها بأي حال وكذلك هي ضرورة لصون أجهزة الأمن والحفاظ على رسالتها في تأمين حياة وحرمات المواطنين، إلا أن التعامل مع الأخطاء والتجاوزات يجب أن يكون في الإطار الشامل؛ مراقبة ومحاسبة رجال الأمن فرض على الدولة، لكن لو جئنا للفرض والمفروضات؛ فمن أهم فروضها أيضاً استتباب الأمن والسيطرة على استخدام “المولوتوف” وكافة أشكال السلاح