يقال عن سنمار؛ إنه أرامي نبطي من سكان العراق الأصليين، وينسب له بناء قصر الخرونق الشهير، الذى بناه لملك الحيرة آنذاك النعمان بن امرئ القيس اللخمي، وحينما انتهى سنمار من بناء القصر، قال للملك النعمان: إنّ هناك آجرة -أي حجارة كبيرة- لو أزيلت لسقط القصر كله، فسأله الملك إن كان أحد غيرة يعرف مكانها، فأجابه بالنفي، كما قال له إنه يستطيع بناء قصر أفضل من الخرونق - وهذا ما لا يريده الملك-، فما كان من الملك إلا أن أمر بإلقائه من أعلى القصر ومات، ومن هنا ضرب به المثل العربي «جزاء سنمار». إنّ المشهد السياسي البحريني يجعل سنمار ماثلاً أمام نواظرنا وهو يلقى حتفه بعد أن قام بواجبه، ثم غُدر به وقتل ظلماً. هكذا حال رجال أمننا البواسل، الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن البحرين أثناء الحركة الانقلابية الفاشلة السنة الفائته، وقدموا صوراً رائعة في البطولة والدفاع عن الوطن ومكتسباته وقيادته وشعبه. إنّ رجال الأمن يشكرون على مواقفهم المشرّفة وتضحيتهم بأنفسهم من أجل الوطن، لقد كنّا حقاً ننتظر من الدولة أن تمطرهم بالنياشين والأوسمة. إنّ هؤلاء الأبطال يدانون الآن لا لجرم اقترفته أيديهم، بل يلامون على قيامهم بواجبهم على أتم وجه، وتفانيهم في حب الوطن والولاء له، والدفاع عنه بكل بساله ودون تبرّم. إنّ بعضاً من رجال أمننا المخلصين قد أوقفوا عن العمل، واتهموا بالإفراط في استخدام القوة، في الوقت الذى كانوا يتحلون فيه بأقصى درجات الصبر وضبط النفس وحسن التعامل التدريجي مع الإرهابيين، الذين كانوا يرشقونهم بالأسلحة القاتلة من قنابل حارقة وأسياخ حديدية وحجارة وغيرها من الأسلحة المحلية الصنع. ومن جراء ذلك اتّهم بعض رجال الأمن بالقتل غير العمد في تعامله مع المخربين، لكن كيف يتّهم رجل أمن بالقتل العمد في ساحة الميدان، وهو يتعامل مع مجموعة إرهابية خارجه عن القانون، أسلمت عقلها وضميرها لجماعه صفوية تسعى إلى قلب نظام الحكم، والغاية لديها تبرّر الوسيلة في كل الأحوال، وهدفها منذ الرابع عشر من فبراير 2011 سقوط أكبر عدد من القتلى، لكي تسيرّ مهمتها في الافتراء على البحرين إعلامياً في الخارج، ولدى المنظمات الحقوقية الدولية. هل أقدم رجل الأمن على قتل المتظاهرين السلميين أو الآمنين المسالمين في بيوتهم أو في مقارعملهم أو في غير تلك الأماكن، حتى يتّهم بالقتل العمد! إنّ رجل الأمن البحريني كان ولا يزال -كما أسلفت- يواجه الموت والخطر جرّاء ما يرميه به الإرهابيون من أسلحة قاتلة، إضافة الى ما يعد لهم من كمائن، ناهيك عن شهود الزورالذين أعدتهم الجماعة الانقلابية لدعم التهم زوراً ضد رجال الأمن، وقد تفنن أولئك الشهود في تلفيق الأكاذيب ضدهم، ولا غرابه في ذلك إذ ما أشبه الليلة بالبارحة، فلو رجعنا الى أحداث التسعينيات في القرن الماضى لرأينا كيف أن الجماعة التخريبية أعدّت صفاً من شارعها لشهادة الزور، بل إنّ بعضهم كان يعترف ويقرّ على نفسه كذباً بتحمل جرم الآخرين من حرق وتدمير للممتلكات الخاصة والعامة، من أجل أن يحمي كبار المنظّرين والمخربين، حتى لو اضطرته الظروف إلى أن يضحي بنفسه، فما بالك بتوجيه التهم زوراً إلى رجال الأمن . إنّ رجل الأمن إذا ما أقدم على القتل غير العمد أو القتل العمد وسط هذه الظروف العصيبة المحيطة به، والخطر الداهم الذى يهدد حياته جرّاء ما يحارب به من أسلحة قاتلة، لا يعدّ قتل عمد، بل هو حق مشروع له في الدفاع عن النفس. ولايوجد قانون شرعي أووضعي يلزم رجل الأمن بالتحلي بضبط النفس ويمنعه من الدفاع عن نفسة إذا ماتعرّض للخطر، أو حتى إذا وجّهت له صفعة أوبصقة أو أدنى من ذلك. وقد رأينا كيف يتعامل رجال الأمن مع المتظاهرين والمحتجين ليس في الدول القمعية والبوليسية بل في أعرق الدول ممارسةً للديمقراطية. إنّ القتل العمد هو دهس رجل الشرطة بالسيارة وهو يؤدي عمله حتى تزهق روحه، إنّ القتل العمد هو رمي العسكريين والمدنيين بالمولوتوف والأسياخ. إنّ القتل العمد هو من ضرب بالسكاكين الرجل المسن سائق التاكسي راشد المعمري داخل سيارته وتسبب في قتله، كما توجه تهمة القتل العمد إلى من احتلّ مستشفى السلمانية ومارس فيه أبشع صور اللا إنسانية في التعامل مع المرضى، والامتناع عن علاجهم، وإلى من منع سيارات الإسعاف من التوجه إلى طفلة المحرق التى كانت تعاني من نوبة السكر وماتت دون أن تُسعف، وغيرها كثر، القتل العمد هو الذى مُورس ضد العمال الأجانب الآمنين في سكنهم، ومَن رمى الفتاة الشابة بسيخ حديدي استقرّ في رأسها وأودى بحياتها. إنّ ممّا يزعج النفس أن تعفو الدولة عن الخونة، وتفرج عنهم وتعيدهم إلى أعمالهم وكأنّ شيئاً لم يكن، وفي ذات الوقت توجه التهم لرجال الأمن وتحاكمهم! هل أصبح رجال الأمن كبش فداء! إنّ الديمقراطية لا تعني التهاون والصفح عمنّ يخون الوطن ومحاكمة مَن صانه وحماه في محنته. إننّا نحمد الله بأن الشرفاء من أبناء الوطن يرفضون مايتعرض له رجال الأمن من ضيم ونكران، إنّ شرفاء الفاتح الذين يربو عددهم على أربعمائة ألف موطن لن يقفوا مكتوفي الأيدى إزاء هذه التهم التي توجه لرجال الأمن، بل قطعوا على أنفسهم عهداً بالوقوف معهم وإنصافهم والدفاع عن قضيتهم إلى أن يظهر الله الحق