الولايات المتحدة تقدم دعمها منذ سنوات لاستقرار البحرين من خلال المساعدة العسكرية، ولذلك قرر الكونغرس تقديم مثل هذه المساعدة للمنامة لقناعته بمحدودية موارد الدولة البحرينية. ورغم هذه القناعة إلا أنه فرض حظراً على مبيعات السلاح الأمريكية لقوة الدفاع “خوفاً من استخدام هذه الأسلحة ضد المتظاهرين”، وعليه سمح لاحقاً بتزويد البلاد بالأسلحة الدفاعية أمام التحديات الأمنية والعسكرية الخارجية أو لدعم عمليات القوات الأمريكية في منطقة الخليج العربي.
ومن الأمثلة البسيطة على طبيعة المساعدة العسكرية الأمريكية للبحرين تقديم منظومة رادار متطورة لتغطية المنطقة الواقعة حول المنامة بـ 360 درجة. وفي العام 2008 قدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن نحو 45% من قوات الدفاع لديها القدرة للانخراط في تحالف عسكري مع القوات الأمريكية.
نظرة المؤسسة العسكرية الأمريكية الحالية تقوم على ضرورة تقديم 25 مليون دولار كمساعدة عسكرية للبحرين في العام 2012، ولكن لم يتم الموافقة منها من قبل الكونغرس إلا على 10 ملايين دولار فقط بسبب موقف الإدارة الأمريكية المتحفظ تجاه حكومة البحرين وضرورة ربط المساعدة العسكرية بالإصلاحات التي تراها واشنطن لازمة لمعالجة الأوضاع الداخلية في المنامة. والمبلغ نفسه ـ 10 ملايين دولار ـ متوقعاً أن يكون مبلغ المساعدة نفسه للعام المقبل 2013.
قد تنظر واشنطن لمثل هذه المساعدة على أنها مقابل للتسهيلات العسكرية التي تقدمها لها المنامة، ولكننا اليوم بعد أزمة فبراير 2011 التي اختلفت فيها التصورات والرؤى، وصار واضحاً طبيعة المواقف والأهداف والأجندة المرسومة للتغيير السياسي في البحرين حالياً أو مستقبلاً.
فهل من المقبول أن تتجاهل المنامة أجندة واشنطن ضدها مقابل مساعدة عسكرية لا تتجاوز قيمتها رواتب العاملين المدنيين في البحرية الأمريكية الذين أدخلت رواتبهم مؤخراً نقداً عبر مطار البحرين الدولي وتقدر بنحو 11 مليون دولار؟!
ليس منطقياً أن تظل العلاقات البحرينية ـ الأمريكية كما هي في ظل أزمة الثقة الراهنة بين البلدين والتي بات ظاهرها خطاب إعلامي لاستهلاك الرأي العام المحلي أو الدولي. وهذا لا يعني خفض مستوى العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، بقدر إظهار الموقف الشعبي الرافض للممارسات الأمريكية ضد المنامة، وفي الوقت نفسه البحث عن بدائل استراتيجية أكثر. وهذا كله لن يأتي من مؤسسات الدولة الرسمية التي تعاني من إحراج كبير لإبداء وجهات نظرها أمام الأمريكان حالياً، ولذلك فإن المسؤولية ملقاة على عاتق أعضاء السلطة التشريعية الذين يملكون الصلاحيات الدستورية للتأثير في مسارات السياسة الخارجية البحرينية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90