ليس بسط الأمن في الشوارع والمدن والقرى هو المشكلة، فبسط الأمن لا يستغرق أكثر من ساعة إذا ما عرف الإرهابي عقوبة المؤبد، بل المشكلة كيف تؤمن المنشآت الحيوية من طاقة واتصالات ومواصلات؟، وكيف يضمن تشغيلها وحمايتها، عندما تكون الشبكات الإرهابية قد أحاطت بها وتوغلت بداخلها؟، وهي القضية التي يجب أن تكون الشغل الشاغل لمسؤولي الدولة الذين لا نرى تحركهم على هذه المنشآت والمؤسسات وتأمينها رغم ما مرت به من ظروف أمنية خطيرة، كادت أن توقف إمداد الطاقة للبلاد، لولا عدد من الشرفاء الذين يعمل البعض الآن على تهميشهم وإبعادهم! بل صار العكس، فقد ضاعفت بعد المؤامرة الشبكات الإرهابية سيطرتها على أهم المنشآت، حين ضاعفت في البعثات والتوظيفات والتعيينات الرئيسية وعينت في الوظائف الشكلية أشخاصاً، القصد من إظهارهم في الصورة، هو التمويه، كما لا يعين منهم -وإن كانت وظيفة ذات أهمية- إلا الشخص الذي قلمت أظافره، وتم ترويضه وترشيده.
إن البحرين اليوم في حالة غير عادية، فالمخاطر تدور في داخلها وتحوط بها من خارجها، لذلك على الجهات المسؤولة، وبالذات الأمنية والعسكرية، التي تتحمل المسؤولية في إدارة الدولة عندما تتعرض للمخاطر، وأولها أن تكون لها الطواقم الفنية والهندسية والكهربائية والميكانيكية والكيميائية المدربة والمتمرسة، والتي يجب أن تخرج من دور التخزين إلى دور التحضير، خصوصاً أن البحرين لديها الجامعات والمعاهد التي يمكن أن تقوم بتأهيل منتسبي هاتين المؤسستين لحصولهما على شهادات علمية ومهنية في كافة المجالات الضرورية التي تتطلبها إدارة المنشآت الحيوية.
نعود إلى فترة التي حدثت فيها المؤامرة الانقلابية، ونضرب المثل بما حصل في شركة بابكو حين تعطلت وحدات إنتاج النفط لمدة 7 أيام، كما تركت مكائن المصنع تشتغل، ولولا الجهد المضني الذي بذله شرفاء الوطن لاحترقت الوحدات بالكامل، كما تم توقف الشركة عن تصدير النفط للخارج نتيجة الإضراب حيث بلغت الخسارة 120 مليون دولار يومياً، وهي تجربة كافية لتكون جرس إنذار للدولة حين تدخل هذه المؤسسات تحت الحماية، من حماية أمنية رسمية يشرف عليها الحرس الوطني، وتأمين تشغيل المصانع بوجود طواقم عسكرية مدربة على كافة وحدات الإنتاج في المصانع، وبالمثل لباقي الشركات الوطنية، وكذلك بالنسبة لهيئة الكهرباء والماء، وذلك عندما ثبت للدولة بأن هناك مجموعات وفئات لا يمكن أن تكون أهلاً للأمانة والمسؤولية الوطنية، والتي مع الأسف مؤسسات الدولة الحيوية تحت يدها وسيطرتها.
وها هي جمهورية مصر تطلق في يناير 2012 مبادرة تحت عنوان “فدى بلادي”، تقوم على تخصيص مكتب خاص يتوجه إليه الراغبون من أبناء مصر في تأمين المنشآت الحيوية يوم 25 يناير لتسجيل بياناتهم وتحديد أماكن تواجدهم بالتنسيق مع الشرطة والجيش، ويقوم المكتب بتسليم كل فرد متطوع -بعد تسجيل بياناته- شارة أو ملصق مرقم من وزارة الداخلية يوضع على صدره لضمان تحديد العناصر المشاركة، وغلق الباب أمام أي محاولات اندساس لأية عناصر خارجية، فكيف إذاً بمملكة البحرين التي تعيش في خطر يحاصر منشآتها كل يوم ولحظة؟! والذي يجب أن يكون هذا الخاطر هو الهاجس الذي يشغل بال المسؤولين في الدولة قبل التفكير في البحث عن حلول لكسب الانقلابيين الذين سيظل خطرهم قائماً ومستمراً ما دامت الدنيا، حيث إن أطماع هؤلاء في الوصول لسدة الحكم ليست وليدة الأمس أو اليوم، وإنما بدأت منذ قدومهم البحرين، ولكن مع الأسف قد مكنتهم الدولة من مفاصلها مع علمها بنواياهم وخططهم واستعدادتهم، وأنه حان الوقت أن تستيقظ الدولة وتضع هذه المنشآت الحيوية وتؤمنها من خطر مؤكد أن لم يحاصر في الحال
{{ article.visit_count }}