يَحل علينا رمضان هذا العام وأمتنا تعاني من جراحات عميقة ومصائب عظمى ونكبات كبرى سفك للدماء وانتهاء للأعراض وإتلاف للأموال وعدم مراعاة طفل رضيع أو شيخ كبير أو امرأة ضعيفة، وتعظم المصيبة بأن ذلك يحصل على أيدينا وصار بأسنا بيننا، لا من عدوّ خارجيّ متربص بنا، فالأمة تعيش ظروفاً حالكة ومراحل قاسية وفتن داخلية وتربص خارجي.
يأتي شهر رمضان في كل عام ليمثل نقطة تحول في حياة الأفراد والجماعات، فرمضان نقطة تحويل للاجتماع والتآلف وتوحيد الكلمة في دول يأكل بعضها أبناء بعض فهذا إسلام سياسي وهذا مدني وهذا من طائفة وآخر من طائفة أخرى، وربنا يقول (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
يأتي رمضان ليمثل نقطة تحول في الاستسلام والانقياد لأحكام الدين وتعاليمه، فلا يمكن لمن دخل في هذا الدين وسلم به وترك الطعام والشراب من أجل الله أن يعترض على شرعة أو يكره تنفيذه أو يعطله، فالحكم لله العلي العظيم.
يأتي شهر رمضان ليمثل صفحة من تاريخ عميق لهذه الأمة في التضحية والبذل والعطاء، والاعتزاز بالانتصارات الزاخرة في بدر وفتح مكة وغيرها إلى عصرنا هذا، والأمل معقودٌ بالله أن يخفف عن إخواننا في سوريا وبورما ما هم فيه وأن يرفع عنهم الغمة.
يأتي رمضان ليمثل شهر تغير وتحول في حياة الأفراد، فليس الصيام فقط الامتناع عن الشراب والطعام، بل لتكف النفس عن كل ما حرم الله وتلتزم بكل ما فرض، الصيام كف النفس عن أمراضها من حسد وبغض، ويحل مكانها العفو والصفح وحسن الظن بالآخرين.
يأتي رمضان لتربى الأسرة على التعاون وتقوية الروابط والتذكير بالعبادة، في اجتماعات مشتركة لا سيما على السحور أو عند تناول الفطور، أو التواصي على قراءة القرآن وأداء صلاة القيام.
يأتي رمضان لينشط الشباب في الدعوة إلى الله وترتيب المحاضرات العلمية والدعوية والمشاركة بها، ومساعدة المحتاجين، والتعاون على الخير، ويأتي شهر رمضان وتنشط المؤسسات الرسمية والأهلية لتقوم بواجبها في الدعوة بجهود مشكورة وكل في موقعه فإن دواعي الخير تتعدد في النفوس وتتعلق بربها.
نسأل الله أن يبارك لنا في رمضان ويعننا على الصيام والقيام وقراءة القرآن، ويرفع عن الأمة ما بها، ويوحد كلمتها، وأن يكتب لها الخير.