هناك مثل صيني يقول “إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنين ازرع شجرة، وإذا أردت أن تزرع لمائة عام ازرع جيلاً”، ومما لا شك فيه أن الدلالات الحالية تشير إلى أن الصين تخطو خطوات متنامية وسريعة في تطورها الاقتصادي والعسكري، وهي مؤهلة لأن تكون القوة العظمى مستقبلاً.

الملاحظ أن الصين بدأت تنفتح أكثر على العالم من ناحية علاقاتها الدبلوماسية، وهو أمر يدعم فكرة وصولها من موقعها الحالي إلى المرتبة الأولى في معادلة القوى العالمية، وهو ما يؤكد وجود حاجة إلى مغازلتها ثقافياً وعلمياً لكسب رهان المستقبل ليس معها فحسب بل مع الدول الصديقة لها.

ينصح الكاتب السوداني جعفر عباس قراءه بالبدء بتعلم اللغة الصينية لكونها ستصبح “لغة العالم”، ويؤكد أن تعلمها ليس بالصعب طالما أن هناك طفلاً صينياً عمره سنتان يستطيع نطقها، وهو ما يدعم فكرة أهمية فتح الأبواب من الآن لتشجيع الأجيال الحالية والقادمة على تعلم اللغة الصينية والتعمق في ثقافة المجتمع الصيني وفهم أيدلوجياته المختلفة وخلق توأمة في المشاريع التعليمية.

فنحن عندما نأتي إلى مملكة البحرين ونتمحص في أزمتها المؤسفة؛ نجد أن هناك تحدياً يلوح بأهمية كسب رهان التحالفات العالمية وتعزيز امتدادنا الدبلوماسي أكثر وقراءة المستقبل بعين ثاقبة وحسم الأمور لصالحنا، وهو ما يعني البدء بالتخندق في الثقافة الصينية وفتح فضاءات التعاون معها في كل المجالات، وأولها المجال التعليمي.

على وزارة التربية والتعليم أن تبادر بطرح مشروع شراكة مع المدارس والمؤسسات العلمية بالصين لفتح فروع لها بالمملكة، والبدء قبل ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص لفتح المعاهد المتخصصة في تعليم اللغة الصينية، ومن الممكن أن تستغل الإجازة الصيفية لابتعاث الطلبة المتفوقين إلى الصين، وهي خطوة ستثمر على المدى البعيد جيلاً قريباً من المجتمع الصيني، يفهم أركانه وأعمدة ثقافته ويجاريه في تطوره الاقتصادي والتكنولوجي.

إن تعلم اللغة الصينية سيكون صمام أمان لنا، كما إن الاقتراب من المجتمع الصيني سيمنح الأجيال فرصة التوغل وفهم التكوينات المجتمعية للصين ومن ثم معرفة الخطاب السياسي الملائم واستقراء توجه الرأي العام الصيني الذي سيكون نقطة انطلاق جديدة لنا إلى الرأي العام العالمي، عوضاً عن الرأي العام الغربي، مما سيشكل صمام أمان لنا ضد أي مخططات إرهابية تحاك لهدم استقرار المملكة مستقبلاً.

وهناك حاجة للاهتمام بالاستثمارات الاقتصادية في الصين، فإذا ما أردت غزو مجتمع ما أو الاقتراب منه عليك البدء باقتصاده وثقافته، وهو ما يؤكد أهمية الاهتمام بالاستثمار بالصين من الآن، واستنساخ تجاربه الصناعية حتى نقلل قدر المستطاع الفجوة الكبيرة بين خطواتنا الاقتصادية وتقدمهم الاقتصادي، فالطالب الذي يطمح أن يتفوق دراسياً عليه مزاملة المتفوقين.

الصين مرشحة لأن تكون قوة عظمى في النظام الدولي مستقبلاً، فهل نحن مستعدون لهذه القوة ونحاول أن نصبح جزءاً قريباً منها؟