وجدت شركة “جلوب سكان” في المسح الدولي الذي أجرته مؤخراً أن “29%” من الناس فقط متيقِّنون من أن أصحاب الملايين يستحقون الثروات التي بحوزتهم. وتعليقاً على ذلك، يرى سيرغي يورغلوف، عالم الاجتماع الروسي، أن الفقر ليس حقيقةً قائمةً وإنما مجرّد أسلوب تفكير.
فإذا كان الفقير مثلاً يفكِّر بصوتٍ عالٍ قائلاً “الشخص الذي يرفض العمل، وفي الوقت نفسه يبتغي الحصول على المال، كالطفيّلي الذي يريد العيش من مال غيره”، فإن مسار تفكير الغني يتخذ الشكل الآتي: “كلنا نريد الحصول على وقتٍ للراحة والمال معاً، لذا فما أحتاجه أنا هو أن تكون أموالي في خدمتي، ولا أكون أنا أعمل من أجل المال”، وفيما ينبري الفقير قائلاً: “لقد اعتدت أن أعمل، وأن أنجز عملي، وأحصل على أجرٍ لقاء ذلك، ولن أحشر أنفي فيما لا أفقه فيه”، يرّد عليه الغني: “أريد الحصول على شيء عظيم يستحق المجازفة ولن أخشى الفشل”.
ورداً على أحد أسئلة المسح المذكور: “كيف كنت ستنفق نصف مليون دولار لو صارت بين يديك؟”، أجاب الفقير بأنه سوف يشتري بها يختاً، وسيارةً فارهةً، ويسافر إلى الخارج للنقاهة، ويساعد بها أصدقاءه وأقرباءه، ويصرفها في الأعمال الخيرية”، بينما قال الغني: “لو كان لديّ نصف أرنب لأسّسْتُ نظاماً ماليّاً يزيحني عن خط الفقر طوال حياتي”. أما كيف يتعامل الفقير مع الصعوبات، فهو في العادة يتراجع على الفور حينما يصطدم بالمشكلات المالية، ويفضِّل العيش كيفما اتفق، بينما يميل الغني إلى التعلّم من أخطائه، ويتوصّل إلى استنتاجاته الذاتية، ويكتسب خبرةً ثمينةً، ويمضي بها قُدُماً في حياته”، ولكن هل يستطيع الفقير أن يصبح ذات يوم في عداد الأثرياء؟ يجيب يورغلوف على هذا السؤال بنعم، ويضيف أنه يتوجب على الفقير أن يغيِّر أسلوب تفكيره كحد أدنى، وأن يكون على دراية بالأمور الماليّة، كحد أقصى. لكن النتيجة التي توصّل إليها مركز “نيلسون” الاجتماعي في دراسته التي شارك فيها 28 ألف شخص من 51 دولة تفيد أن السعادة، بالمفهوم الشامل، لا تتوقّف على المال، فهناك بين الناس ذوو المداخيل المتواضعة أناس سعداء أكثر من الأغنياء، وأعتقد أن السؤال الصحيح ليس هو “كم لديك من المال؟”، بل السؤال الصحيح هو “ما نسبة أموالك التي حقّقت لك السعادة في دنياك؟”!