بعد تهاوي المخطط الإرهابي السوري في لبنان على إثر اعتقال الوزير السابق ميشال سماحة وانهيار الشبكة الإرهابية للمخابرات السورية وفشلها في إشعال نيران الفتنة هناك تتجه الأنظار والعقول والعيون نحو مملكة البحرين المسالمة التي كانت ومازالت هدفاً صفوياً عنصرياً منتخباً يلوِّح به أهل الإرهاب الإيراني في الخليج العربي كل وقت وكل حين، إذ أن خيار إشعال الأوضاع في البحرين وتخريب حالة السلم الأهلي واستغلال بعض العصابات الطائفية المجرمة للموقف هو المشروع القائم الدائم لتيارات الفتنة الإيرانية المتنقلة، وحيث باتت الخيارات الاستراتيجية الإيرانية في الشرق القديم ضيقة للغاية، وتقلصت كل ساحات المناورة مع الاستعداد الإيراني وتجرع كأس السم والقبول بالهزيمة النهائية لأكبر حليف إقليمي لطهران وهو النظام السوري الذي تعتبر هزيمته بمثابة كارثة حقيقية على الأمن القومي الإيراني، خصوصا أن الأوضاع في العراق الخاضعة حكومته الطائفية للهيمنة الإيرانية لا تبشر بخير مع الاستعدادات الشعبية لتحريك الشارع العراقي بعد أن وصلت أوضاع التردي في الأمن والخدمات العامة إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة باتت تنذر بشر مستطير وتؤشر إلى قرب الرحيل للقوى الطائفية الفاشلة التي حولت العراق لمستنقع كبير للفشل المقيم.
الإيرانيون وهم يناورون لا ينسون أبداً أهدافهم التاريخية ولا يهضمون بسهولة هزيمتهم في البحرين أمام الإرادة الشعبية والإدارة الحاسمة والحازمة لحكومة جلالة الملك حمد بن عيسى الذي استطاع بحنكة ودراية قيادة السفينة البحرينية لبر الأمان والتحكم بالوضع الذي عمل النظام الإيراني وأذنابه على الوصول به إلى حافة الهاوية. ولكن مع كل عوامل التطمين والتحسب فإن الأدوات الإيرانية كما نعرفها متغيرة ومتنقلة ومتحركة على أكثر من صعيد، وهي مدربة تدريباً خبيثاً على افتعال الأزمات وخلق ملفات الفتن. ولعل من يتابع الإعلام الإيراني باللغة العربية سيفهم على الفور أن الهجمة على استقرار وسيادة مملكة البحرين تظل هي العنصر الدائم في رؤية النظام الإيراني، وأن اختلاق وفبركة الأخبار المسيئة وتضخيم الحوادث والاختراقات الأمنية وإطلاق سيل الاتهامات ضد المملكة هو من مؤشرات الحملة الإيرانية المقبلة التي تهدف إلى خلط الأوراق والدفاع عن نظام بائس في دمشق لم يعد يستطيع الدفاع عن نفسه رغم امتلاكه لأدوات الدمار الشامل وللقبضة الحديدية التي بدأت بالتراخي والانهيار مع تشديد القوى السورية الحرة لضرباتها الموجعة للنظام وأذنابه. ولعل الفضيحة الكبرى في الساحة اللبنانية وانهيار شبكة ميشال سماحة الوزير اللبناني السابق الإرهابية وإصابة أوكار وعملاء النظام السوري الإيراني في لبنان بالصدمة والرعب من جراء ما حدث سيصيب عملاء إيران الإقليميين، وخصوصاً في الخليج العربي، بالرعب والهول والفشل وهو الذي ستترجمه القيادات الأمنية الإيرانية المكلفة بالملف البحريني لتحركات مضادة قد تكون تصعيدية وعنيفة وتتعمد الإشغال المباشر للساحة الداخلية في ظل قصف إعلامي كاذب ومفبرك وبهدف خلط الأوراق و التشويش على واقع الهزيمة الاستراتيجية الإيرانية.
البحرين تظل الهدف الثابت للنظرية الأمنية العدوانية الإيرانية وهي تتعرض لقصف مكثف من سلسلة عملاء إيران الإقليميين الطائفيين في العراق ولبنان والخليج العربي وهؤلاء لاتزال في جعبتهم عفاريت متنوعة يحركونها، ومازالت الخلايا النائمة تنشط أحياناً لتضرب وتشوش في عمليات الكر والفر.
البحرينيون ومن خلال شرعيتهم وحفاظهم على وحدتهم الوطنية وسلمهم الأهلي ساهموا إلى حد بعيد في إجهاض المخططات الإيرانية رغم شراستها وأفعوانية وخبث من يديرها، ولكن تظل كل الاحتمالات قائمة ويبقى الخطر محدقا، ولكن مع تهاوي واضمحلال النظام الإرهابي في دمشق، وهو المحطة الاستخبارية العربية لكل الجماعات الإيرانية التخريبية في الشرق ستتغير الأمور بالكامل وسنشهد الهزيمة الكاملة للمشروع الإرهابي الإيراني. ومع كل ذلك تظل البحرين في دائرة الاستهداف المباشر، ويظل هدف تخريبها وحرقها، بل وضمها الهدف المقدس لغلاة الصفويين في طهران وهو الأمر المستحيل، فعروبة البحرين وحريتها واستقلالها قدر خالد لن تستطيع كل افاعي العدوان والحقد من القفز على أسواره المنيعة. سيحترق القتلة وأهل الغدر والدجل بنيران حقدهم وتظل البحرين لؤلؤة الخليج العربي وحالة حضارية عصية على الاختراق.
^ عن صحيفة «السياسة» الكويتية