ينتابني شعور «أتمنى أنه خاطئ» أن هناك من يعمل في اتجاه معين ولا يعنيه التكامل، أو أن مشروعات الدولة هي مشروعات وزارات ووزراء، وليست مشاروعات دولة وتخطيط، قد أكون مخطئاً أو قد ينطبق هذا الكلام على أناس دون آخرين.. يجوز.
هناك بون شاسع بين فكر السياحة الترفيهية والسياحة الثقافية، الوزيرة الفاضلة مي بنت محمد تبذل جهوداً مشكورة في الحفاظ على التراث وعلى الهوية، ولديها جهود ثقافية جيدة، البعض يكبرها والبعض يسخط عليها، لكن هذه الجهود موجودة.
الاهتمام بالثقافة أمر غاية في الأهمية، فالثقافة هي التي تشكل الوعي والفكر لدى الشباب، وجهود وزارة الثقافة في هذا الاتجاه جيدة حتى وإن كانت الثقافة محصورة في اتجاه معين.
وسط كل هذه الصورة لا يمكن القول إن الثقافة هي التي تجلب السائح الخليجي أو العربي، حتى وإن كانت جزءاً من اهتمام السائح ، لكن السائح لن يذهب للبحرين ليشاهد التراث والثقافة، إن أرادها سيذهب إلى تركيا أو إسبانيا أو المغرب أو تونس، لكن لا أحسبه يأتي للبحرين.
يجب أن تحدد الدولة ما تريد من السياحة؛ هل الدولة تريد سياحة ثقافة وتراث أم سياحة ترفيهية تجلب العائلة بأكملها للمملكة، وتجعل البحرين على أقل تقدير الخيار الثاني بعد دبي خليجياً.
لن يأتي السائح من الرياض من أجل بيت الزايد أو تلال عالي، السائح سيأتي حين يعرف أن بالبحرين منتجعات جميلة، ومدناً ترفيهية عالية المستوى، وسواحل مفتوحة للسباحة والترفيهية، ومطاعم وكوفي شوب على البحر، سوف يأتي حين تكون هناك سياحة بحرية إلى الجزر التي لا نشاهدها، سوف يأتي للأسواق الكبيرة وللأسواق الشعبية، لكن لن يأتي أبداً لمشاهدة تلال عالي وهي في المحصلة مقبرة..!
أشعر أن الدولة لا تعرف ما تريد، ولم تحدد خطواتها وخطوطها في موضوع أولويات السياحة، وليس أيضاً في أولويات الدولة أن تكون السياحة المصدر الثاني للدخل، فما تشكله السياحة اليوم «وهي سياحة جسر الملك فهد والفنادق ومجمعين تجاريين» هي 5% فقط من الناتج الإجمالي المحلي، وهي نسبة خجولة جداً، ولن تكون مصدراً ثانياً للدخل أبداً.
بالأمس قلنا إن مشروعات الأمن الغذائي تحتاج إلى إنفاق 100 مليون لمرة واحدة فقط، والسياحة تحتاج إلى 250 مليوناً من أجل أن يكون لدينا الحد الأدنى من البنية التحتية للسياحة، وإذا كانت السياحة ليست ضمن مشروع «المارشال» الخليجي، فإن «المارشال» وفر على الدولة ملايين الدنانير، فلماذا لا تنفق هذه المبالغ من ميزانية الدولة.
السائح الخليجي يفضل البحرين، لكن حين يأتي لا يشاهد شيئاً، لا مدينة ترفيهية كبيرة عالمية، ولا سواحل مفتوحة، ولا منتجعات كبيرة، ولا مطاعم على البحر، ولا سياحة بحرية، إذاً لماذا يأتي؟.. المجمعات والفنادق موجودة في بلده أكبر مما في البحرين.
حتى الساعة لا نعرف كيف نضع أجندة الأنشطة السياحية، فأول خطوة هي أن أعرف روزنامة الإجازات في السعودية والكويت وقطر والإمارات، وغالبيتها متقاربة، حتى أقيم مهرجانات سياحية كبيرة تستقطب من يريد قضاء أيام في البحرين، لكن ذلك لا يحدث.
الوزيرة مي بنت محمد تقول إن «تاء الشباب» مهرجان صيفي، ولا أعرف إن كانت تقصد أنه سياحي أم مهرجان للشباب؟
«تاء الشباب» مهرجان جيد لكنه ليس سياحياً، ولا يستقطب سائحاً يخرج من بيته في السعودية من أجل أن يأتي إلى «تاء الشباب».
في الصفحات الاقتصادية أمس على «الوطن» قال أكثر من رجل أعمال وخبراء اقتصاد وسياحة إن البحرين تفتقر للمدن الترفيهية الكبيرة التي تستقطب السائح وأطفاله، جميعهم أجمعوا على أن 50 مليون دينار بالإمكان أن تقيم مدينة ترفيهية تنافس ما في الخليج.
لذلك قلت إن البوصلة «ضايعة»، هل الدولة تريد سياحة ثقافية تراثية، أم سياحة ترفيهية تسويقية؟
قلنا إن الثقافة والتراث عنصران مهمان جداً، لكن لن يكونا رافداً للميزانية العامة للدولة كثاني دخل بعد النفط.
موقع البحرين الاستراتيجي في وسط الخليج تتمناه دول أخرى، وسواحل البحرين التي نطل من خلال مساحات قليلة منها على البحر، أيضاً تتمناها دول كثيرة، لكننا لا نعرف استغلال كل هذه المقومات، ولم نحدد الأولويات، هل سياحة ثقافة تراثية، أم سياحة ترفيهية تسويقية تجلب السائح الخليجي قبل غيره.
حين زار 5 ملايين سائح مدينة دبي في شهر واحد، هل كانوا يذهبون للسياحة الثقافية؟
النفط يوشك على النضوب، ونحن حتى الآن لا نعرف إيجاد الصناعة البديلة.
^^ رذاذ
إحدى الأخوات علقت على موضوع السياحة أمس في «تويتر» حيث قالت: لا نريد سياحة بالبلد، فليس لدينا إلا مهرجان واحد يضيء الشوارع، وهو مهرجان «المولوتوف»، فلماذا «تفشلونه وتخلون السائح يشاهد ما نشاهده كل يوم»..!
نعم إنها قضية مهمة، لن يكون هناك أي نوع من أنواع السياحة ما لم يكن هناك أمن، «الأمن مفقود.. ومن يشاهده يبلغ رجال الأمن»..!