أعتقد أن مساعدة أبناء الجيل الجديد على تجاوز النظرة المذهبيّة الضيِّقة تُعّد مهمة في غاية الأهمية والتعقيد، وذلك بسبب كثرة وتعدّد رؤى الأطراف المشتركة في تنفيذها، ومدى النجاح الذي يمكن أن يحققه كل طرف بحسب تحليله لجوهر المشكلة وتصوّراته الخاصة بحلّها.
فالطرف الرسمي مطالب باتخاذ إجراءات عملية لترسيخ التضامن المجتمعي، وتأصيل النظرة للوقائع والأحداث على أنها تخصّ وطناً بأسره، وليس أبناء طائفة بعينها، فقبل بضعة أعوام مثلاً، أمكن استغلال حادث الطائرة المنكوبة في إيجاد أرضيّةٍ شعبيةٍ صلبة لتنمية مشاعر الترابط والتراحم المجتمعي بين أبناء الوطن، ذلك أن المُصيبة لم تقتصر على فئةٍ واحدةٍ، ومن الواجب تعميق هذه المشاعر الآن، ومنحها زخم الديمومة، عبر الإحجام عن تبنِّي خطوات من شأن البعض أن يفسِّرها على أنها تأتي على حساب مصالح أبناء هذا المذهب بعينه أو ذاك.
كما إن الطرف الأهلي هو الآخر مدعو لأن يضع في اعتباره مسألة التعدّد المذهبي والإثني والفئوي في المجتمع البحريني، فلا يجوز تجيير الخطاب السياسي كي يعبِّر عن مصالح أبناء هذه الطائفة أو تلك، وذلك مثلاً عن طريق إصدار البيانات في حالة تضرّر أفراد معينين من “الجماعة”، والصمت المطبق في حالة وقوع الضرر على أبناء “الجماعة” الأخرى.
إن مشكلتنا اليوم، لو توخينا الصراحة والوضوح، في أن ميل بعض الشباب أو المراهقين المنتمين لمكوّن اجتماعي محدّد لعدم احترام القانون مثلاً يأتي، مباشرةً أو مواربةً، بمثابة رد فعل على عدم تفعيل العقوبة “الملائمة” بحق المحسوبين على المكوّن الآخر، والذين تجرؤوا أيضاً على مخالفة القوانين الوضعية سارية المفعول في المملكة، وفي الوقت الذي يتوجّب على الجمعيات السياسية والحقوقية الوقوف، بصورة مبدئيةٍ لا تقبل المساومة، ضد المساس بهيبة القانون، نجدها تتبنّى هذا الموقف بشكلٍ انتقائي وعشوائي، وتفسِّر الأفعال بحسب موازين الانتصار “للعدالة”، والذي يعني في بعض الأحيان الاصطفاف مع أبناء طائفةٍ دون أخرى، ولعّل هذه الحقيقة يمكن أن تفسِّر سبب سلبيّة “الأغلبيّة الصامتة” إزاء المشاركة في الفعاليّات السياسية ذات اللون الواحد!.