لم يكن ذلك التزوير الفاضح الذي قام به التلفزيون الإيراني التابع للحرس الثوري والمخابرات الإيرانية مفاجئاً من حيث المضمون أو المغزى من ورائه، حينما زور خطاب مباشر للرئيس المصري محمد مرسي في قمة “عدم الانحياز” وأبدلوا دعمه للثورة السورية بدعمه للثورة البحرينية!!
فاستهداف إيران للبحرين عن طريق زرع الفتنة والمخططات والأجندات ثابت للجميع، وما هذا الهجوم المسعور الذي تقوم به قنواتها الإعلامية سوى دليل على ذلك، فنحن في زمن تعد الحروب الإعلامية أهم وسائل الاستهداف، التي تفوق تأثيرها العمل المخابراتي وحتى التدخل العسكري، ونقصد هنا الإعلام بكل أشكاله سواء التقليدي كقنوات التلفزيون والإذاعات والصحف ووكالات الأنباء، أو الحديث كوسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني على اختلافها.
لذلك لم نستغرب أن تستهدف إيران البحرين أو أن تزور الحقائق وتلفق وتكذب وتحرض، إنما الذي أدهشنا فعلاً أن تصل لهذا المستوى من السذاجة وانعدام الأخلاقيات، وتدني المهنية وغياب المصداقية، وتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية والإعلامية، لتزور على الملأ خطاباً مباشراً لرئيس دولة كبرى كمصر!! سابقة أعتقد أنها لم تحدث من قبل، والأكيد أنها ستدرس وستدخل كتب الإعلام كواحدة من أكثر حالات التزييف الإعلامي وقاحة وغباء!! شيء مضحك فعلاً، ذكرني ببرنامج أمريكي يحمل عنوان “أغبى لصوص العالم!!”.
أعادتني تلك الحادثة للمحاولات الحثيثة التي قامت بها جماعات المعارضة من أجل كسب دعم ثوار مصر خلال فترة الأزمة وما بعدها، فلقد حاول هؤلاء استغلال حالة التعاطف الشعبي العربي السائدة آنذاك مع أي تحرك ضد الظلم والديكتاتورية، والاستعداد لدعم أي “ثورة” عربية جديدة تخرج لتضاف إلى “الصقيع العربي” الذي بدأ حينها، كل تلك الأجواء دفعت جماعات المعارضة للترويج بأن ما حصل في البحرين ما هو إلا امتداد لذلك “الربيع” ويجب دعمه تماماً، كما سارعت الشعوب العربية لدعم الثورات المختلفة في بلدانها أو في أي بلد عربي آخر، وهو أمر ربما وجد له صدى في البداية لدى الشارع العربي، الذي كان في لحظة نشوة، بسبب تحرر بعض الشعوب، وتوق لمزيد قادم محتمل، وفعلاً وجدت تلك التحركات بعض الترحيب هنا وهناك، ولربما مازالت لدى أقليات، لكن الغالبية العظمى ممن انطلت عليهم تلك الحيلة، أفاقت من نشوتها لتجد أن ما حدث في البحرين لم يكن “ثورة شعبية” كما كان في دولها!!
فالثورات الشعبية تشارك فيها كل مكونات المجتمع بكل أديانها وطوائفها وتنوعها، لا أقصد هنا أن يشارك كل الشعب أو أن ينزل للشارع، ولكن أن يكون هناك ممثلون حقيقيون لكل مكونات الشعب في هذه الهبة، لنطلق عليها “ثورة شعبية”، في مصر مثلاً شارك المسلمون والأقباط والليبراليون والإسلاميون وغيرهم جنباً إلى جنب، وفي تونس أيضاً شارك الجميع وكذلك في ليبيا وسوريا واليمن، الذي نزل مسلموه ومسيحيوه وحتى يهوده إلى الشارع، فهل ينطبق ذلك على البحرين؟!
بالطبع لا، ففي البحرين قاد تلك الأزمة جماعات تؤمن بـ«ولاية الفقيه”، وتنتمي لطائفة معينة، لكنها جرت جزءاً وورطت آخر من أبناء طائفتها، الذين فيهم كثيرون رافضون لكل ما حدث ويحدث، لكن منهم من يمتلك شجاعة التصريح بذلك، ومنهم من يخشى القمع الذي تمارسه تلك الجماعات، فيؤثر الصمت والسلامة.
وعت الشعوب العربية ذلك، وعلمت أن ما يحدث في البحرين ليس امتداد لثوراتها الشعبية ومطالبها وأهدافها، ولقد ساهمت القنوات والمواقف الإيرانية من حيث لم تقصد في إيضاح ذلك للشارع العربي، الذي تساءل: لماذا التركيز فقط على البحرين منذ بداية الأزمة في شهري فبراير ومارس وتضخيم أي شي يحدث فيها وتصويره على أنه جرائم كبرى وإبادة واستهداف عام وما إلى ذلك؟! وفي ذات الوقت إغفال ما كان يحدث في ليبيا مثلاً مع سقوط عشرات القتلى يومياً، ومن ثم دعم النظام الأسدي رغم سقوط أكثر من 30 ألف قتيل سوري بمعدل يومي تجاوز المئات أحياناً.
لقد عرفت الشعوب العربية حقيقة الأمر، وتيقنت منه حينما رفضت المعارضة كل مبادرات إنهاء الأزمة وشجعتها على ذلك إيران في العلن!!
نعود لمصر ولماذا أرادوا كسبها في صفهم؟! لأن مصر هي قلب العرب النابض، مصر التي إن استطاعوا كسبها كسبوا كل المواقف العربية الأخرى، لكن مصر العروبة وثوارها خذلوهم، وأكد رئيسها في مناسبات عديدة وفي كل تصريحاته -وهو الذي يمثل نتاج الثورة فهي التي أتت به، وموقفه يمثل موقف مصر الرسمي والشعبي، ويمثل موقف ثوار مصر- أنه يدعم البحرين ويقف إلى جانب سيادتها وشرعية نظامها، ويتطلع لمزيد من التعاون الشامل بين البلدين، ولمزيد من الإصلاحات السياسية والديمقراطية، وإعطاء صلاحيات أكبر للشعب، وهي كلها مسلمات، يتفق عليها كل البحرينيون، وتدعمها توجهات القيادة، ولقد تكرر هذا الموقف الداعم للبحرين بقوة في لقاء مرسي الأخير مع وزير خارجيتنا في القاهرة.
فتحية لمصر وقيادتها وشعبها العظيم، تحية لمصر العروبة، التي غنت يوماً “وطني حبيبي الوطن الأكبر”، فغنى معها الوطن العربي من الخليج إلى المحيط “يوم ورا يوم أمجاده بتكبر”.
{{ article.visit_count }}
فاستهداف إيران للبحرين عن طريق زرع الفتنة والمخططات والأجندات ثابت للجميع، وما هذا الهجوم المسعور الذي تقوم به قنواتها الإعلامية سوى دليل على ذلك، فنحن في زمن تعد الحروب الإعلامية أهم وسائل الاستهداف، التي تفوق تأثيرها العمل المخابراتي وحتى التدخل العسكري، ونقصد هنا الإعلام بكل أشكاله سواء التقليدي كقنوات التلفزيون والإذاعات والصحف ووكالات الأنباء، أو الحديث كوسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني على اختلافها.
لذلك لم نستغرب أن تستهدف إيران البحرين أو أن تزور الحقائق وتلفق وتكذب وتحرض، إنما الذي أدهشنا فعلاً أن تصل لهذا المستوى من السذاجة وانعدام الأخلاقيات، وتدني المهنية وغياب المصداقية، وتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية والإعلامية، لتزور على الملأ خطاباً مباشراً لرئيس دولة كبرى كمصر!! سابقة أعتقد أنها لم تحدث من قبل، والأكيد أنها ستدرس وستدخل كتب الإعلام كواحدة من أكثر حالات التزييف الإعلامي وقاحة وغباء!! شيء مضحك فعلاً، ذكرني ببرنامج أمريكي يحمل عنوان “أغبى لصوص العالم!!”.
أعادتني تلك الحادثة للمحاولات الحثيثة التي قامت بها جماعات المعارضة من أجل كسب دعم ثوار مصر خلال فترة الأزمة وما بعدها، فلقد حاول هؤلاء استغلال حالة التعاطف الشعبي العربي السائدة آنذاك مع أي تحرك ضد الظلم والديكتاتورية، والاستعداد لدعم أي “ثورة” عربية جديدة تخرج لتضاف إلى “الصقيع العربي” الذي بدأ حينها، كل تلك الأجواء دفعت جماعات المعارضة للترويج بأن ما حصل في البحرين ما هو إلا امتداد لذلك “الربيع” ويجب دعمه تماماً، كما سارعت الشعوب العربية لدعم الثورات المختلفة في بلدانها أو في أي بلد عربي آخر، وهو أمر ربما وجد له صدى في البداية لدى الشارع العربي، الذي كان في لحظة نشوة، بسبب تحرر بعض الشعوب، وتوق لمزيد قادم محتمل، وفعلاً وجدت تلك التحركات بعض الترحيب هنا وهناك، ولربما مازالت لدى أقليات، لكن الغالبية العظمى ممن انطلت عليهم تلك الحيلة، أفاقت من نشوتها لتجد أن ما حدث في البحرين لم يكن “ثورة شعبية” كما كان في دولها!!
فالثورات الشعبية تشارك فيها كل مكونات المجتمع بكل أديانها وطوائفها وتنوعها، لا أقصد هنا أن يشارك كل الشعب أو أن ينزل للشارع، ولكن أن يكون هناك ممثلون حقيقيون لكل مكونات الشعب في هذه الهبة، لنطلق عليها “ثورة شعبية”، في مصر مثلاً شارك المسلمون والأقباط والليبراليون والإسلاميون وغيرهم جنباً إلى جنب، وفي تونس أيضاً شارك الجميع وكذلك في ليبيا وسوريا واليمن، الذي نزل مسلموه ومسيحيوه وحتى يهوده إلى الشارع، فهل ينطبق ذلك على البحرين؟!
بالطبع لا، ففي البحرين قاد تلك الأزمة جماعات تؤمن بـ«ولاية الفقيه”، وتنتمي لطائفة معينة، لكنها جرت جزءاً وورطت آخر من أبناء طائفتها، الذين فيهم كثيرون رافضون لكل ما حدث ويحدث، لكن منهم من يمتلك شجاعة التصريح بذلك، ومنهم من يخشى القمع الذي تمارسه تلك الجماعات، فيؤثر الصمت والسلامة.
وعت الشعوب العربية ذلك، وعلمت أن ما يحدث في البحرين ليس امتداد لثوراتها الشعبية ومطالبها وأهدافها، ولقد ساهمت القنوات والمواقف الإيرانية من حيث لم تقصد في إيضاح ذلك للشارع العربي، الذي تساءل: لماذا التركيز فقط على البحرين منذ بداية الأزمة في شهري فبراير ومارس وتضخيم أي شي يحدث فيها وتصويره على أنه جرائم كبرى وإبادة واستهداف عام وما إلى ذلك؟! وفي ذات الوقت إغفال ما كان يحدث في ليبيا مثلاً مع سقوط عشرات القتلى يومياً، ومن ثم دعم النظام الأسدي رغم سقوط أكثر من 30 ألف قتيل سوري بمعدل يومي تجاوز المئات أحياناً.
لقد عرفت الشعوب العربية حقيقة الأمر، وتيقنت منه حينما رفضت المعارضة كل مبادرات إنهاء الأزمة وشجعتها على ذلك إيران في العلن!!
نعود لمصر ولماذا أرادوا كسبها في صفهم؟! لأن مصر هي قلب العرب النابض، مصر التي إن استطاعوا كسبها كسبوا كل المواقف العربية الأخرى، لكن مصر العروبة وثوارها خذلوهم، وأكد رئيسها في مناسبات عديدة وفي كل تصريحاته -وهو الذي يمثل نتاج الثورة فهي التي أتت به، وموقفه يمثل موقف مصر الرسمي والشعبي، ويمثل موقف ثوار مصر- أنه يدعم البحرين ويقف إلى جانب سيادتها وشرعية نظامها، ويتطلع لمزيد من التعاون الشامل بين البلدين، ولمزيد من الإصلاحات السياسية والديمقراطية، وإعطاء صلاحيات أكبر للشعب، وهي كلها مسلمات، يتفق عليها كل البحرينيون، وتدعمها توجهات القيادة، ولقد تكرر هذا الموقف الداعم للبحرين بقوة في لقاء مرسي الأخير مع وزير خارجيتنا في القاهرة.
فتحية لمصر وقيادتها وشعبها العظيم، تحية لمصر العروبة، التي غنت يوماً “وطني حبيبي الوطن الأكبر”، فغنى معها الوطن العربي من الخليج إلى المحيط “يوم ورا يوم أمجاده بتكبر”.